البعث الفعلي يستلزم المحال ، ولا يندفع إلاّ بما مرّ (١) من أن الأمر بوجوده الخارجي موقوف ، وبوجوده العلمي الغير المتقوّم بوجوده الخارجي موقوف عليه ، فإن القدرة على الإتيان بداعي الأمر تتحقّق بمجرّد العلم بالأمر وإن لم يكن أمر خارجا في الواقع.
ومما ذكرنا ـ إشكالا وجوابا ـ يظهر حال الجواب عن الدور كلية ؛ بجعل الأمر متعلّقا بالفعل الصادر لا عن داع نفساني ، فإنه منحصر في المأتي به بداعي الأمر من دون أخذه في متعلّق الأمر ، والإشكال فيه عدم القدرة على إتيانه لا عن داع نفساني ، إلا بعد الأمر المحقّق لداع آخر غير الدواعي النفسانية. وجوابه ما تقدّم.
١٧٠ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( فإنه ليس إلا وجود واحد ... الخ ) (٢).
لا يذهب عليك : أنّ ذات المقيّد والتقيّد ـ وإن كانا في الخارج موجودين ـ لكلّ منهما نحو وجود يباين الآخر ، فإنّ الصلاة ـ مثلا ـ لها وجود استقلاليّ ، وتقيّدها بالقصد له وجود انتزاعي ، إلاّ أنّ العبرة في التعدّد والوحدة بلحاظ الأمر ، فإنه قد يلاحظ الموجودين المتباينين على ما هما عليه من التعدّد ، فيأمر بهما بأمر واحد ، فيحدث بالإضافة إلى كلّ واحد وجوب غيري كما توهم ، أو تعلّق عن قبل وجوب نفسي واحد (٣) كما هو الحقّ ، وقد يلاحظهما بنحو الوحدة ، فيلاحظ المقيّد بما هو مقيّد ، لا ذات المقيّد والتقيّد ، فالمأمور به حقيقة واحد ، والأمر واحد وجودا وتعلّقا ، والدعوة واحدة ، فلا أمر لا حقيقة ولا تعلّقا بذات المقيّد ، فكيف يأتي به بداعي أمره؟!
١٧١ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( فإنه يوجب تعلّق الوجوب بأمر غير
__________________
(١) في التعليقة : ١٦٧ ، عند قوله : ولا يخفى عليك ...
(٢) الكفاية : ٧٣ / ١١.
(٣) لا تخلو العبارة من غضاضة وغموض ، والظاهر أن المراد منها هو : أو تعلّق بكل واحد ـ من المتباينين ـ وجوب نفسي انحلاّ عن وجوب نفسي واحد.