علّتين مستقلّتين على معلول واحد ، أو الخلف بعدم كون الفعل والإرادة جزء لمتعلق الأمر ـ كذلك لا يعقل الأمر بالفعل وبالإرادة الخاصّة لعين ما مرّ.
وجه ظهور الاندفاع : ما عرفت من أنّ لازم مقالة الخصم ليس تعلّق الأمر بقصد الامتثال ، بل بجعل الأمر داعيا إلى إرادة الفعل ، وهو لا يستلزم خلوّ الفعل عن الإرادة.
١٧٢ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( إنما يصحّ الاتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه ... الخ ) (١).
توضيحه : أن الاجزاء بالأسر ليس لها إلا أمر واحد (٢) ، ولا لأمر واحد إلا دعوة واحدة ، فلا يكون الأمر داعيا إلى الجزء إلاّ بعين دعوته إلى الكلّ ، وحيث إن جعل الأمر داعيا إلى الصلاة مأخوذ في متعلّق الأمر في عرض الصلاة ، فجعل الأمر المتعلّق بالمجموع داعيا إلى الصلاة بجعل الأمر بالمجموع داعيا إلى المجموع ليتحقّق الدعوة إلى الصلاة في ضمن الدعوة إلى المجموع ، مع أن من المجموع الدعوة إلى الصلاة في ضمن الدعوة إلى المجموع ، فيلزم دعوة الأمر إلى جعل نفسه داعيا ضمنا إلى الصلاة. ومحركية الأمر لمحركية نفسه إلى الصلاة عين عليته لعلية نفسه ، ولا فرق بين علية الشيء لنفسه وعليته لعليته.
__________________
(١) الكفاية : ٧٣ / ٢٠.
(٢) قولنا : ( توضيحه : أنّ الأجزاء .. الخ ).
ويمكن تقريب محذور الدور بوجه آخر وهو أن قصد الامتثال : تارة يلاحظ بالإضافة إلى المقصود بالذات ، وهو ما يتقوّم به القصد في افق النفس ، وهو متأخّر عن المقصود بالذات ، فلو اخذ فيه لزم تقدّم الشيء على نفسه واخرى يلاحظ ( بالإضافة [ لم ترد هذه الكلمة في الأصل فأثبتناها من نسخة ( ط ) لاقتضاء السياق. ] ) إلى المقصود بالعرض ، والقصد حينئذ علة لوجوده ، فله التقدّم بالعلية على المقصود بالعرض ، فلو كان داخلا في جملة ما تعلّق به الأمر ويطلب به امتثاله ، لزم تأخّر الشيء عن نفسه إلاّ أنّ الأول ملاك الخلف ، والثاني ملاك الدور ؛ لأنه في الأول تأخّر وتقدّم طبعي ، والثاني تقدّم وتأخّر وجودي. والجواب : ما مرّ مرارا من تعلّق الأمر بذات الحصّة بانضمام إصلاح شرطية القدرة بما مر. ( منه عفي عنه ).