ومن الواضح عدم تحقّقها بهذا المعنى في إتيان المأمور به بالإضافة إلى أمره مطلقا ، حيث إن المأتيّ به نفس وجود المأمور به ، وليس بينهما المغايرة ؛ حتى يقال : إن المأتيّ به يكفي عن المأمور به ، وإنما يتحقّق هذا المعنى بالإضافة إلى أمر آخر ، كما في الاضطراري والظاهري بالإضافة إلى الواقعي.
فالأولى أن يقال : إن الإجزاء ـ بمعنى الكفاية وما تضاف إليه ـ مختلف ، فتختلف آثاره ، ومعنى الكفاية وفاء الشيء بما يقتضي المضاف إليه ، فالمأتيّ به واف بحدّه بما يقتضيه أمره ، فيسقط ، وواف بملاكه بما يقتضيه الأمر الواقعي فيسقط ، ولا مجال للإعادة والقضاء حينئذ ، وليس في البين عنوان كفاية شيء عن شيء ؛ حتى لا يكون هناك جامع بين أنحاء الإجزاء. فافهم وتدبّر.
١٩٨ ـ قوله [ قدس سره ] : ( الفرق بين هذه المسألة ومسألة المرة والتكرار ... الخ ) (١).
اعلم أنّ دعوى عدم الفرق بين المسألة والمسألتين ، بلحاظ إسقاط التعبد به ثانيا ، وعدمه بالنسبة إلى المرة والتكرار ، وبلحاظ إسقاط القضاء وعدمه بالنسبة إلى تبعية القضاء للأداء ، وإلاّ فعدم الملاءمة بين المسألة والمسألتين أوضح من أن يخفى.
ثم إنه ليس الغرض مما أفاده (قدس سره) في الفرق : أن البحث هنا عقلي ، وهناك لفظي ، فإنّ مجرّد ذلك لا يقتضي عقد مسألتين مع اتحاد المقصود ، بل يبحث عن الاقتضاء وعدمه عقلا ولفظا في مسألة واحدة ، بل المراد اختلاف الجهة المبحوث عنها هنا وهناك :
__________________
(١) الكفاية : ٨٢ / ١١.