وأما بناء على جواز البدار فالصلاة عن طهارة ترابية مأمور بها ، لكن يشكّ في أنّ وجوبها بنحو التخيير بين المتباينين ، أو بنحو التخيير بين الأقلّ والأكثر ، وهو أن البدل المنضمّ إلى المبدل فرد ، والمبدل فقط فرد آخر ، فوجوب البدل على أيّ حال معلوم ، كوجوب المبدل منفردا ، ووجوب المبدل منضمّا إليه غير معلوم.
وحيث أن وجوب المبدل ـ منضمّا أو منفردا ـ بأمر آخر من دون ارتباط من
__________________
معلوم ، ووجوب الضميمة ـ بعد سبق الصلاة عن طهارة ترابية ـ غير معلوم ، وحكمه البراءة عقلا وشرعا.
لا يقال : تجب الصلاة عن طهارة مائية في آخر الوقت على أيّ تقدير لأنها إمّا تجب منفردة ، وإما منضمة ، فيكون المبدل محتمل التعيين والتخيير ، فيجب المبدل بالخصوص تحصيلا للقطع بالفراغ.
لأنا نقول : لا يحتمل وجوب المبدل تعيينا ، بل هو إما أحد فردي التخيير إذا لم يسبقه البدل ، أو مقوّم الفرد الآخر إذا سبقه البدل ، وحيث إن وجوبه التخييري عند الانفراد معلوم ، فلا يبقى إلا احتمال وجوبه بنحو الانضمام فتجري البراءة عنه.
وأمّا إن اخترنا الوجه الأوّل ، فمرجع الشك هنا إلى أن الصلاة عن طهارة هي المأمور بها حتى يتحقّق الجامع بالصلاة عن طهارة ترابية فقط أو الصلاة عن طهارة بمرتبة خاصة بحيث لا يتحقّق إلا بالصلاة عن طهارة مائية فقط فيما لم يسبقها صلاة أو بالصلاة عن طهارة مائية منضمّة إلى الصلاة عن طهارة ترابية لاستيفاء أصل الطهارة بالتيمّم واستيفاء تماميتها وبلوغها إلى المرتبة المرغوبة بالوضوء مثلا ، فحيث إن وجوب الصلاة عن طهارة ترابية معلوم ، فينطبق عليها الجامع بالمقدار المعلوم من قوله : « لا صلاة إلاّ بطهور » (أ) والتكليف بالجامع بمرتبة خاصّة غير معلوم ، فتجري فيه البراءة ، ولا مجال لتوهّم الشكّ في المحصّل ؛ إذ هو فرع العلم بالجامع بمرتبة خاصة كما هو واضح ، ولا يخفى أن ما أوردناه في الحاشية أولا ينطبق على المسلك الثاني ، وما أوردناه ثانيا ينطبق على المسلك الأول. فافهم ولا تغفل. [ منه قدّس سرّه ].
__________________
(أ) الفقيه ١ : ٣٥ باب ١٤ / حديث : ١ ، دعائم الاسلام ١ : ١٠٠ / أول كتاب الطهارة