بالإيجاب والقبول اللّذين جعلهما الشارع سببا يتوصل به إلى اعتبار الشارع للملكية. فالملكية توجد بوجودها الاعتباري من الشارع بالمباشرة ، ومن المتعاقدين بالتسبيب.
وقد لا يكون المعنى المعتبر تسبيبيا ؛ كالاختصاص الوضعي ، فإنّه لا حاجة في وجوده إلا إلى اعتبار من الواضع. ومن الواضح أن اعتبار كل معتبر قائم به بالمباشرة ، لا بالتسبيب كي يتسبب إلى اعتبار نفسه بقوله : ( وضعت ) ونحوه ، فتخصيص الواضع ليس إلا اعتباره الارتباط والاختصاص بين لفظ خاص ومعنى خاص.
ثم إنه لا شبهة في اتحاد حيثية دلالة اللفظ على معناه ، وكونه بحيث ينتقل من سماعه إلى معناه ، مع حيثية دلالة سائر الدوالّ ، كالعلم المنصوب على رأس الفرسخ ، فإنه أيضا ينتقل من النظر إليه إلى أن هذا الموضع رأس الفرسخ ، غاية الأمر أن الوضع فيه حقيقي ، وفي اللفظ اعتباري.
بمعنى : أن كون العلم موضوعا على رأس الفرسخ خارجي ليس باعتبار معتبر ، بخلاف اللفظ فانه كأنّه وضع على المعنى ليكون علامة عليه ، فشأن الواضع اعتبار وضع لفظ خاص على معنى خاص.
ومنه ظهر : أن الاختصاص والارتباط من لوازم الوضع ، لا عينه.
وحيث عرفت اتحاد حيثية دلالة اللفظ مع حيثية دلالة سائر الدوالّ تعرف : أنه لا حاجة إلى الالتزام بأن حقيقة الوضع تعهد ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى ـ كما عن بعض أجلة العصر (١) ـ فانك قد عرفت : أن كيفية الدلالة والانتقال في اللفظ وسائر الدوالّ على نهج واحد بلا إشكال ، فهل ترى تعهدا من
__________________
(١) الملاّ علي النهاوندي ـ رحمه الله ـ ( صاحب تشريح الاصول ) : ٢٦ ، ٢٩.