للمستعلي والمستعلى عليه ، وكلمة ( من ) رابطة للمبتدا به والمبتدأ من عنده ، وهكذا ، لا أن الظرفية مشتركة مع أداتها في معنى ، أو أحدهما (١) عنوان والآخر معنون كمفهوم الرابطة ومصداقها. فتدبره ، فانه حقيق به.
وما ذكرناه في تحقيق المعاني الحرفية والمفاهيم الأدويّة ، هو الذي صرّح به أهل التحقيق والأكابر من أهل فن المعقول.
نعم بعض المعاني الاسمية ربما يكون آلة لتعقّل حال الغير ، وحينئذ يكون كالمعنى الحرفي في عدم الاستقلال في القصد واللحاظ ، فيتخيل أن مجرد عدم الاستقلال في اللحاظ ملاك الحرفية ومناط الأدويّة ، مثلا الإمكان والوجوب والامتناع معان اسمية ، إلاّ أنّا إذا حكمنا على الانسان بالإمكان فالمحكوم به معنون هذا العنوان لا نفسه ، فمفهوم الامكان ـ مع كونه بحسب الاستعمال ملحوظا بالاستقلال ـ مقصود بالتبع ، وكالآلة للقوة العاقلة يتعرف بها حال الانسان ، فهو ملحوظ بالاستقلال في مرتبة الاستعمال ، وملحوظ آلي في مرحلة الحكم ، فيكون كالمعنى الحرفي. وقد يلاحظ الإمكان بماله من العنوان ، وهو ليس من أحوال الماهيات الإمكانية حقيقة ، بل هو موجود من الموجودات الذهنية. فحقيقة الامكان لها وجود رابط للانسان ، وعنوانه له وجود محمولي رابطي ؛ حيث إنه موجود في الذهن ، والعرض وجود في نفسه وجوده لموضوعه ، وهو معنى كونه رابطيا.
وأما حقيقة المعنى الحرفي والمفهوم الأدويّ فهو : ما كان في حدّ ذاته غير استقلالي بأيّ وجود فرض.
فعدم استقلاله باللحاظ كعدم استقلاله في الوجود العيني ، من جهة
__________________
(١) لأن الظرفية ـ مثلا ـ مفهوم إضافي مستقل باللحاظ له نحو من الوجود في الخارج كسائر أنحاء مقولة الإضافة ، فليس كالنسبة الحقيقية التي لا استقلال ولا نفسية لوجودها الحقيقي. [ منه قدس سره ].