بأنه وجود تنزيلي له أم لا.
وأما وجود المعنى في الذهن ـ كوجوده بعد وجود اللفظ خارجا ـ فهو يتبع وجود علته لذلك السنخ من الوجود ؛ إذ من البديهي أن وجود المعنى في الذهن وجود بالذات له ، لا وجود بالعرض بتبع وجود اللفظ في الذهن ، بل هذا الوجود معلول للعلم بالملازمة الجعلية بين اللفظ والمعنى ـ عند تحقق العلم باللفظ ـ كما في جميع موارد الملازمة ، وليس وجود المعنى ذهنا معلولا لوجود اللفظ ذهنا بشرط العلم بالملازمة ؛ إذ الانتقال من أحد المتلازمين إلى الآخر غير مخصوص بأحدهما فقط. فيلزم أن يكون كل واحد صالحا للعلية والمعلولية معا.
مضافا إلى أن العلية ليست جزافية ، والعلم بأمر مباين لا معنى لأن يكون علة لأمر مباين آخر بمجرد الاشتراك في العلمية ، بخلاف ما إذا جعلنا العلم بالملازمة علة ، فان معنى العلم بالملازمة العلم بتحقق المعنى عند تحقق اللفظ ، فقهرا ينتج العلم باللفظ العلم بالمعنى ، وليس العلم بالملازمة معلولا لها حتى ينتهي أمر الانتقال إلى الوضع بالواسطة ؛ لأن المعلوم لا يكون علة للعلم ، بل الانتقال إلى المعنى عند العلم بالوضع من فوائد جعل الملازمة ، لا من معلولاته ، فحينئذ يصحّ تقرير الدور. وجوابه ما في المتن. فتدبر جيّدا.
٣٧ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( وصحة الحمل عليه بالحمل الأوّليّ الذاتيّ ... الخ ) (١).
وهو أن يتصور المعنى المقصود كشف حاله ، ويحمل اللفظ بما له من المعنى الارتكازي عليه ، أو يجد صحة حمل اللفظ بمعناه ـ عند العارفين ـ عليه ، وصحة الحمل كاشفة عن أن المعنى المتصور هو معنى اللفظ ، وإلا لم يصح الحمل.
واعلم أنه لا بد من فرض اللفظ مجردا عن القرينة ، وإلا لما كان الحمل فقط ـ أو عدم صحة سلب المعنى عنه ـ علامة للحقيقة ؛ إذ لا يزيد الحمل على
__________________
(١) الكفاية : ١٩ / ٨.