٤١ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( كذلك يحصل باستعمال اللفظ فى غير ما وضع له ... الخ ) (١).
لا يخفى عليك : أن الحكاية ـ والدلالة والمرآتية وأشباهها ـ مقصودة في الاستعمال على الوجه الآلي دون الاستقلالي ، من دون فرق بين الاستعمال الحقيقي والمجازي.
وما به يمتاز الوضع عن الاستعمال كون الحكاية مقصودة على وجه الاستقلال ؛ إذ الوضع ليس فعلية حكاية اللفظ عن المعنى ، بل جعل اللفظ بحيث يحكى به عن المعنى عند الاستعمال. ومن البين أن الجمع بينهما في لحاظ واحد جمع بين اللحاظين ، وهو محال ، وعلى هذا فلا يتخصص اللفظ بالمعنى بمجرد الاستعمال ، بل لا بد من إنشائه بالاستقلال.
والتحقيق : أن إنشاء الوضع حقيقة ـ بمعنى جعل اللفظ بحيث يحكي بنفسه بجعل لازمه ، وهو جعله حاكيا فعلا بنفسه ـ معقول. فالحكاية وإن كانت مقصودة وملحوظة آليّا في الاستعمال ، إلا أنها مقصودة بالاستقلال في مرحلة التسبّب إليها بإنشاء لازمها وجعله ، فتدبر.
وأما على ما عرفت ـ من أن حقيقة الوضع نحو اعتبار من الواضع ـ فيكفي في حصول الاختصاص مجرد سبق الاستعمال بالبناء على اختصاص اللفظ بالمعنى ، وهو وإن كان خفيف المئونة ـ بل أخفّ مئونة من قصد حصوله بالاستعمال ؛ حيث إنه لا حاجة إلى التسبّب إلى حصوله بوجه من الوجوه ـ إلا أنه يحتاج إلى دليل.
فان قلت : بعد ما كان الحكيم في مقام إفادة المراد ـ دون التوصل إلى مزايا المجاز ـ فلا محالة يبني على التخصيص ويستعمل ، ولا يتكلف نصب القرينة.
قلت : لو سلم ذلك لا يقتضي ترجيح التخصيص على التجوز ؛ لأنّ مجرد
__________________
(١) الكفاية : ٢١ / ٤.