لا يخفى عليك أنّ العناوين الحسنة أو القبيحة على نحوين : فمنها : ما هو حسن بالذات أو قبيح كذلك ، كعنوان العدل والإحسان في الأوّل ، وكعنوان الظلم والجور في الثاني.
ومنها : ما هو حسن أو قبيح بالعرض كغير العناوين المتقدّمة من العناوين ، والمراد من ( ما بالذات ) و ( ما بالعرض ) : أن العنوان الحسن أو القبيح ربما يكون محفوظا ومع ذلك لا يتّصف بالحسن أو القبح ؛ لطروّ عنوان آخر عليه ، كعنوان الصدق والكذب إذا طرأ عليهما عنوان قتل المؤمن أو إنجائه ، وربما لا يقبل طروّ (٢) عنوان آخر يزيل حسنه أو قبحه كعنوان العدل والظلم ، فالثاني عنوان ذاتي ، والأوّل عرضي.
ومن الواضح : أنّ كلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ، فجميع الواجبات النفسية ـ إذا كانت من حيث عنوان حسن واجبة نفسيا ـ لا بدّ من أن تنتهي إلى عنوان واحد ، وكذلك المحرّمات النفسية ، فكلّها مصاديق واجب واحد أو محرّم واحد بملاك وعنوان واحد ؛ لأنّ عناوينها الحسنة والقبيحة عرضية لا بدّ من أن تنتهي إلى عنوان ذاتي.
لا يقال : لا ينحصر العنوان الحسن والقبيح فيما ذكر ، بل ما بالذات تارة بنحو العلية ، واخرى بنحو الاقتضاء ، والواجبات النفسية والمحرّمات النفسية لعلها من قبيل الثاني ، فلا يلزم انتهاؤها إلى العنوان الذاتي بنحو الأوّل ، وإن
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٠٨ / ٨.
(٢) في الأصل : لطروّ.