الشدّة ـ المنبعث عن ملاك نفسي موجود فعلا ، غاية الأمر أنه محدود في هذه الحال بحد آخر ؛ إذ المفروض أن الاشتداد دائما في الإرادة ومنها وإليها ، لا إلى غير الإرادة ، والمفروض بقاء الشخص والوجود الذي هو عين التشخّص ، فاشتدادها لملاك غيري لا يوجب زوال ذاتها المنبعث عن ملاك نفسي ، وإنما كان محدودا بالحدّ الندبي ، لا لخصوصيّة الندبيّة كي يزول الحكم بزوالها ، بل لقصور الملاك عن اقتضاء الزائد على هذا المقدار ، وإلاّ فالقرب والثواب مترتّبان (١) على إتيان الراجح من حيث الرجحان ، لا من حيث الفقدان لمرتبة الشدة.
تحقيق المقام : أن الأمر الغيري إن كان عبارة عن المرتبة الشديدة للإرادة الموجودة ـ كما صححنا به الجواب ـ فلا محالة لا يتعلّق إلاّ بذات الراجح ، لا بما هو راجح ؛ إذ المفروض اشتداد الرجحان الموجود ومتعلّقه ـ كأصله ـ نفس العمل ، فكيف يدعو الأمر الغيري إلى الراجح بما هو راجح؟!
وان كان عبارة عن إرادة اخرى (٣) متعلّقة بما تعلّقت به الإرادة الاولى ـ بما هي مرادة ـ فهو غير معقول ؛ لأنّ الإرادة الشديدة مثل أقوى للإرادة الضعيفة ، واجتماع المثلين محال ، خصوصا إذا كان أحدهما أقوى ، فإنّ الضعيف يضمحلّ بعروض القويّ ، وحيث لا يبقى الإرادة الاولى ، فكيف يعقل أن تكون الثانية داعية للمراد بما هو مراد ، كي يكون داعيا للداعي؟!
__________________
(١) في الأصل : مترتّب ..
(٢) كفاية الاصول : ١١١ / ١١.
(٣) قولنا : ( وإن كان عبارة عن ارادة اخرى ... إلخ ).
لا يخفى : أن تعلق الارادة بالمراد ـ بما هو مراد ـ غير معقول في نفسه ؛ إذ ليس الفعل بحيثية مراديته شرعا تحت قدرة المكلّف ، بل الغرض من إتيانه بما هو مراد إتيانه بداعي كونه مرادا ، فالترديد بين تعلّق الإرادة الغيرية بذات المراد القابل للاشتداد ، مع أنه ليس بذاته مقدّمة ؛