فليس لهما معا بهذا الاعتبار نقيض ، فنقيض الترك هو الفعل ، ونقيض الإرادة عدمها ، فإذا وجب مجموع الترك والإرادة بوجوب واحد حرم مجموع الفعل وعدم الإرادة بحرمة واحدة. ومن الواضح تحقّق مجموع الفعل وعدم الإرادة عند إيجاد الصلاة ؛ بداهة عدم إمكان إرادة الإزالة مع فعل الصلاة.
ومما ذكرنا ظهر : أن ارتفاع المجموع بما هو مجموع لا يضرّ بالمناقضة بين المفردين ؛ إذ ليس للمجموع وجود إلا بالاعتبار ، وإلاّ فنقيض كلّ واحد من الأمرين المجتمعين في اللحاظ لا يعقل أن يكون مرفوعا مع نقيضه ، فلا يرتفع الفعل والترك معا والإرادة وعدمها معا ؛ نظير ما إذا لوحظ وجود زيد وعدم عمرو معا ، فإنّ نقيضهما عدم زيد ووجود عمرو ولا يرتفعان قطعا وإن أمكن وجود زيد ووجود عمرو معا أو عدمهما ؛ لما عرفت من أنّ الاعتبار في المناقضة والمعاندة بنفس المفردات لا بضمّ بعضها إلى بعض بالاعتبار.
وأما على الأوّل فالمقدّمة هو الترك الخاصّ (١) ، وحيث إن الخصوصية
__________________
الأجزاء حيث إنها متعدّدة الوجود ، فهي متعدّدة الرفع حقيقة ، والوحدة الاعتبارية المصحّحة للتركّب والكلية نقيضها رفعها بحسب ذلك النحو من الوجود الاعتباري لا بحسب نحو وجود الأجزاء خارجا ، فاذا فرض وجودان جمعهما وحدة اعتبارية ، فرفع ذين الوجودين عدمهما حقيقة ، إلا أنّ عدم تلك الوحدة الاعتبارية بالذات والواحد بالاعتبار بالعرض : تارة يساوق عدم الجزءين ، واخرى يساوق عدم أحد الجزءين ، وبهذا الاعتبار يقال : رفع المجموع أعم ، ونقيض الأخص أعمّ فافهم واغتنم. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).
(١) قولنا : ( فالمقدّمة هو الترك الخاصّ ... إلخ ).
لا يخفى أنّ الخاصّ : تارة يكون وجوده بنحو الوحدة الحقيقية وإن انحلّ إلى جزءين ما هو بين كالمادّة والصورة ، فإنهما متّحدتان جعلا ووجودا وإن تعددتا ماهية وعلّيّة ، فرفع مثل هذا الخاصّ هو عدم يكون بديلا لهذا الوجود الواحد حقيقة ، واخرى يكون وحدته بالاعتبار بملاحظة التقييد داخلا والقيد خارجا في قبال الكلّ وأجزائه ، فهذا الخاصّ حاله حال الكلّ وأجزائه من حيث تعدّد الوجود وتعدّد الرفع ، وما نحن فيه كذلك لوضوح أنّ الخصوصية ليست من مقوّمات الترك أو المتروك ، بل خصوصية ملحوظة معه لنفسها عدم ورفع. فتدبر جيدا. [ منه قدّس سرّه ].