فإذا عرفت هذه المقدّمات تعرف : أنه لا مانع من الأمرين بضدّين بنحو الترتّب ، والنتيجة في غاية الوضوح ، فلا حاجة إلى إعادة توضيحها.
وفي هذه المقدّمات ـ جلا أو كلا ـ مواقع للنظر لا بأس بالإشارة إليها ، وبيان ما هو المناسب للقول بالجواز :
أوّلا (١) ـ أن إنكار جعل الشرطية وإرجاعها إلى الموضوع بملاحظة الخلف ، وهو عدم كون الحكم مجعولا تشريعيا ؛ لترشحه حينئذ من المسمّى بالشرط
__________________
لكليهما ، ويمكن صياغة العبارة ـ بحيث يعود التعليل فيها إلى المحالين ـ هكذا : فإنّ مقتضي الشيء ومقتضاه لا يعقل أن يكونا مانعين عن تأثيره.
(١) قولنا : ( ففيها : أوّلا : أن إنكار جعل الشرطية .. إلخ ).
توضيح المقام : إن الباعث لهذا القائل (أ) إلى انكار الشرطية ، بمعنى الوساطة في الثبوت وإرجاعها إلى الموضوع ، وأن معنى اشتراط وجوب الحج بالاستطاعة الحكم على المستطيع بالحج ـ أمران :
أحدهما ـ إن ظاهر أدلة الأحكام اشتمالها على أحكام كلية متعلقة بموضوعات خاصّة ، بنحو القضايا الحقيقية ، وفعلية تلك الأحكام الكلية بفعلية تلك الموضوعات ، من مقتضيات تعلّق الحكم الكلّي من أول الأمر بموضوعه الكلّي ، لا بسبب أمر آخر ، ولو كانت هذه الامور المسمّاة بالشرائط من قبيل الوسائط في ثبوت الحكم له لم يكن هناك جعل الحكم من الأوّل ، بل كانت الأدلة متكفّلة (ب) للوعد بإنشائه عند حصول الشرط لا من جعل الحكم ، ومن قبيل الإخبار به ،
__________________
(أ) وهو المحقّق الميرزا النائيني ( قده ) في ردّ القائلين بكون الشرط واسطة في الثبوت مطلقاً ، أو في الجملة عليه المحقّق الخراساني ( قده ) ، راجع فوائد الأُصول ١ : ٣٤٠ ، وذكر ذلك مجملاً صاحب أجود التقريرات ١ : ٢٨٨ بينما ذهب ( قده ) إلى كون الشرط واسطة في العروض أو موضوعاً للحكم كما في المصدرين السابقين على الترتيب.
(ب) الصحيح : متكفّلة بالوعد ...