ليسا من عناوين فعل المكلّف وتركه كما في الأوّل ، بل من مبادئها.
كما يمكن أن يقال أيضا : بأنّ الألفاظ حيث إنها للتوسعة في إبراز المقاصد بالأفعال ، فهي منزّلة منزلة الإشارة الباعثة ، فتكون كالإشارة من مبادئ الدعوة ، لا منزّلة منزلة الدعوة من قبل المكلّف ، فتدبّر.
قد عرفت تعلّق الكراهة النفسانية بالفعل ، وتعلّق المنع والزجر به أيضا ، وأنّ اللازم الدائمي لهما إرادة إبقاء العدم على حاله.
وأمّا الكفّ ـ وهو التسبّب إلى ما يوجب عدم بلوغ الداعي إلى حدّ يوجب إرادة الفعل ـ فهو لازم لهما أحيانا عند دعوة الفائدة المترتّبة على الفعل إليه ، وحدوث الميل في النفس ، ففي الحقيقة الكفّ أحد اسباب إبقاء العدم على حاله ، لا أنه في عرضه.
ومن الواضح أنّ مجرّد الالتفات إلى الفعل كاف في المنع عنه ، فإنه سبب لعدم دعوة الفائدة إلى إرادته ، ومطلوبية الكفّ مطلوبية مقدمية عند دعوة الفائدة وحدوث الميل ، فتفطّن.
فإن قلت : كما لا يقع الفعل امتثالا للأمر إلاّ إذا كان بداعي الأمر ، كذلك النهي إذا لم يكن داعيا إلى الترك ، بل كان الترك بعدم الداعي لم يقع الترك امتثالا للنهي ، ومثله لا يكون مطلوبا ، بل فيما إذا كان له داع إلى الفعل ليكون النهي رادعا وموجبا لبقاء العدم على حاله.
قلت : عدم الداعي إلى الفعل قد يكون بواسطة عدم القوة المنبعث عنها الشوق إلى الفعل ، وفي مثله لا يعقل النهي ، وقد يكون بواسطة الردع الموجب
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٩ / ٦.