كالشرط العقلي ، بل الأمر فيهما على حدّ واحد ، وهكذا بالإضافة إلى الشرطية الجعلية المنتزعة من مقام الطلب ، فإنه لو لا الأمر بالصلاة عن طهارة لما صحّ انتزاع الشرطية من الطهارة ، وهذه الشرطية الجعلية أيضا على حدّ الشرائط الواقعية : إمّا من مصحّحات الفاعل ، أو من متممات القابل ، فانه لو لا ملاحظة الصلاة مقترنة بالطهارة لا تكون الصلاة قابلة لانتزاع المطلوبية منها ، كما إنه لو لا صدورها عن طهارة خارجا لما كانت قابلة لانتزاع مطابقتها للمطلوب ، ووقوعها على صفة المطلوبية.
لا يخفى عليك أن العلة : إما ناقصة ، أو تامة ، وملاك التقدّم في الاولى هو الوجود ، وفي الثانية هو الوجوب ، بمعنى أن المعلول في الاولى لا يمكن له الوجود إلا والعلّة موجودة ، ولا عكس. كما أنّ المعلول في الثانية لا يجب إلاّ والعلّة قد وجبت. وعلى أيّ حال لا يعقل وجود المعلول ـ وضرورة وجوده ـ إلاّ إذا وجدت العلة ووجبت ، ولازم هذا المعنى في الموجودات الزمانية أن لا يتقدّم
__________________
فرض الشرط المتأخّر ، ويكون كالنقل في الإجازة ، مع أنه أمر معقول في الإجازة ، دون الغسل في الليلة المستقبلة ، فإن القابل للانتساب بالإجازة إلى المجيز ، والمحكوم عليه بالوفاء هو العقد المعنوي الذي يتسبّب إليه بالعقد اللفظي ، وإلاّ فاللفظ لا قرار له حتى ينسب فعلا إلى المجيز ويؤثّر في الملك ، أو يحكم عليه بالوفاء والحل ، بخلاف الصوم ، فإن الإمساك قد تصرّم ، وتخلّل بينه وبين الغسل العدم ، فما الأمر الباقي المقترن بالغسل والطهارة ليكون متقيّدا بهما ، حتى يحصل الامتثال بإتيان المقيد ، إلا أن يتكلّف ويجعل أثر الصوم أمرا باقيا إلى أن يحصل الغسل ، ويكون المأمور به والمطلوب بقاء ذلك الأثر بالغسل ؛ بحيث لو لم يحصل لزال ذلك الأمر ، فكأنه لم يأت بشيء لفرض مطلوبية وجوده الباقي بالغسل ، وكلّ ذلك تكلّف واضح. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن. ق. ط ).
(١) كفاية الاصول : ٩٢ ١٦