نعم في العبادة الذاتية يمكن تعقل الحرمة الذاتية والتشريعية ، فإنّها ـ بما هي ـ محرّمة ذاتا ، وبعنوان أنّها مطلوبة محرّمة تشريعا ، فتتأكّد الحرمة لوجود الملاكين واستحالة اجتماع المثلين ؛ لأنّ الزجر عن التشريع والزجر عن العبادة الذاتية كلاهما قابلان (١) للفعلية منفكّا أحدهما عن الآخر ، فعند إتيان العبادة الذاتية بعنوان المطلوبية ينتزع العقل من الخطابين زجرا فعليا بالإضافة إلى المجمع من دون لزوم اجتماع المثلين ، بخلاف ما إذا لم يتحقّق العبادية إلاّ بالتشريع ، فإنّ النهي عن العبادة حينئذ لا فعلية له أصلا ؛ لأنّ مورده دائما لا يتحقّق إلاّ بالتشريع المنهيّ عنه بالفعل ، فلا تترقّب الفعلية منهما معا حتى ينتزع منهما نهي فعليّ في المورد ، فصحّ دعوى لزوم محذور اجتماع المثلين في مثل المقام ، لا في مثل العبادة الذاتية ، فتدبّر.
لا باعتبار أنّ الحرمة التشريعية في نفسها تلازم عدم الأمر ، فإنّ الحكم لا يحقّق موضوعه الملازم لعدم الأمر ، ولا باعتبار حرمة التشريع الخاصّ ، فإنه أيضا كذلك ، بل بلحاظ أنّ حرمة إتيان الحائض لأصل الصلاة اليومية رأسا تشريعا لا يعقل إلاّ إذا كانت الصلاة اليومية تشريعا منها ، فتدلّ الحرمة التشريعية ـ بهذه الملازمة ـ على خروج موردها عن تحت الإطلاقات.
نعم ، هذا خلاف ظاهر الدليل من حيث تعلّق الحكم بذات الصلاة بعنوانها لا بعنوان التشريع.
وهنا وجه آخر للدلالة على الفساد : وهو أنّ النهي يدلّ على خروجه عن تحت الإطلاقات والعمومات ، لا لمكان امتناع اجتماع الأمر والنهي كي يكون
__________________
(١) في الأصل : كلاهما قابل ...
(٢) كفاية الأصول : ١٨٧ / ٧.