لاخرى في شخص الكلام وبعدم مذكوريتها ، لا بعدم مذكوريتها سنخا ، وإلاّ لخرج المفهوم عن كونه مفهوما بالتصريح به في كلام آخر ، بل حقيقة هذه القضية المتّحدة في كلامين منطوق في شخص هذا الكلام ، ومفهوم في شخص ذلك الكلام الآخر.
فالعبرة في تغاير القضيتين حقيقة بمجرّد المغايرة نوعا وماهية ـ موضوعا أو محمولا ـ لكنّ العبرة في المذكورية وعدمها بالذكر وعدمه في شخص الكلام.
والمراد أنّ القضية التابعة لقضيّة اخرى ـ من حيث كونها غير مذكورة ـ مفهوم ، وإن كانت ـ من حيث مذكوريتها في موارد أخر ـ منطوقا.
الدلالة بالمعنى الفاعلي قائمة باللفظ ، وبالمعنى المفعولي قائمة بالمعنى ، ومعناها انفهام المعنى من اللفظ ، فإن كان أوّلا وبالأصالة كان المدلول من المداليل المنطوقية ، وإن كان ثانيا وبالتبع كان من المداليل المفهومية ، فليس كلّ معنى تبعيّ لمعنى مفهوما ، بل التابع في الانفهام ، فخرج (٢) مثل وجوب المقدّمة
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٩٤ / ١.
(٢) قولنا : ( بل التابع في الانفهام فخرج ... الخ ).
لا يخفى أن التبعية في الانفهام لا تكون إلاّ لملازمة واقعة (أ) بين المعنيين : إمّا عقلا أو جعلا ، وإلاّ لكانت التبعية بين الانفهامين والانتقالين بلا موجب ، وعليه فكما أنّ لازم العلّية المنحصرة عقلا الانتفاء عند الانتفاء ، كذلك لازم وجوب ذي المقدّمة وجوب المقدّمة برهانا أو وجدانا ، فلا بدّ أن تكون دلالة اللفظ الحاكي عن وجوب ذي المقدّمة على وجوب المقدّمة بعد ثبوت الملازمة داخلة في المفهوم ، كما أنّ دلالة الجملة المتضمّنة للعلّية المنحصرة على الانتفاء عند الانتفاء داخلة فيه ، ومجرّد كون الملازمة عقليّة لا يخرجه عن أقسام الدلالة اللفظية ، وإلاّ فما
__________________
(أ) يحتمل في الأصل : واقعية ...