تأكّدها ، وانقلاب المرتبة الضعيفة إلى مرتبة شديدة.
والتحقيق : أن ظاهر القضية الشرطية لو كان حدوث وجود آخر ، لما كان إمكان الاشتداد مجديا في حفظ ظهورهما ؛ لأن الشيء لا يتبدّل وجوده في مراتبه الضعيفة والشديدة ، بل وجود واحد مستمرّ بناء على أصالة الوجود ، وقد ذكرنا ـ في بعض المباحث السابقة ـ قضاء ضرورة الوجدان بأنّ الشيء في مراتب تحوّلاته واستكمالاته موجود واحد ـ لا موجودات ـ إلاّ إذا لوحظ الموجود بالعرض وهي الماهية.
ومعنى قبول المقولة للحركة والاشتداد إمكان خروج الموجود الواحد عن حدّ إلى حدّ آخر ، لا أنّ حدوث وجود آخر يوجب انقلاب الموجود الأوّل ، وإلاّ لم يعقل اجتماع الأمثال في أمثال هذه المقولات ، مع أنّ عدم قبول الموضوع لإرادتين ـ مثلا ـ كعدم قبوله لبياضين ، لا أنّ اجتماعهما يوجب حدوث مرتبة أكيدة.
هذا كلّه بالإضافة إلى الإرادة والكراهة.
وأما البعث والزجر فلا تجري فيهما الحركة والاشتداد أصلا ؛ لاختصاصهما ببعض المقولات ، لا بالاعتبارات كما أشرنا إليه سابقا.
لا يخفى عليك : أن متعلّق الجزاء نفس الماهية المهملة ، والوحدة والتعدّد خارجان عنها ، فهي بالنسبة إلى الوحدة والتعدّد لا اقتضاء ، بخلاف أداة الشرط ، فإنّها ظاهرة في السببية المطلقة ، ولا تعارض بين المقتضي واللااقتضاء ، لكن الماهية وإن كانت في حدّ ذاتها كذلك ، إلاّ أنّها لا بدّ من أن تلاحظ على نهج
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٠٤ / ٦.