يمكن أن يقال : ـ بعد استقرار ظهور العامّ في العموم وعدم تعنونه بعنوان وجودي أو عدمي بورود المخصّص ؛ لاستحالة انقلاب الواقع عما هو عليه ـ يدور أمر الجواز وعدمه مدار فعلية التكليف بالخاصّ عند الشك ؛ كي يتحقّق التعارض الموجب لتقديم الخاصّ على العام ؛ حيث لا معنى لحجّية الخاصّ مع عدم فعلية التكليف به ، فلا معنى لتقديمه على غيره.
ولا يخفى أنّ مرتبة فعلية التكليف وإن كانت مغايرة لمرتبة تنجّزه ـ في الأحكام النفسية الحقيقية المقابلة للأحكام الطريقية ـ عند شيخنا واستاذنا العلامة ـ رفع الله مقامه ـ كما أوضحناه في محلّه ، إلا أنّ الذي يقوى ـ في النظر القاصر ـ خلافه في الجملة ؛ لما ذكرنا في محلّه (٢) ، ومرّت الإشارة إليه غير مرّة :
أنّ حقيقة البعث والزجر جعل ما يمكن أن يكون باعثا وداعيا أو زاجرا وناهيا ؛ بحيث لو انقاد له المأمور حصل البعث والانبعاث والزجر والانزجار الحقيقيان حتى لا ينافي دخل اختيار العبد في انبعاثه وانزجاره ببعث المولى وزجره.
ومن الواضح : أنّ البعث والزجر قبل وصولهما إلى العبد بنحو من أنحاء الوصول لا يمكن اتصافهما بحقيقة الباعثية والزاجرية وإن كان العبد في كمال الانقياد لمولاه.
ولا فرق ـ بحسب هذا الملاك ـ بين الحكم وموضوعه ـ مفهوما ومصداقا ـ ؛ إذ لا يعقل محرّكية البعث نحو ما لم يعلم بنفسه ، أو لا يعلم انطباقه على ما بيده ، كما لا يعقل محرّكية البعث الغير المعلوم بنحو من أنحائه ، والإرادة والكراهة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٢١ / ٧.
(٢) كما في التعليقة : ٢٠.