البيان عن وقت الحاجة ، نعم اقتران جميع العمومات بالقرائن الدالة على إرادة الخصوصات بعيد.
إذ الحكم العمومي هو المراد الجدّي لمصلحة اقتضته ، ولا دلالة للعامّ على كون مضمونه مرادا جدّيا منبعثا عن المصالح الواقعية الأوّلية ، فما عن شيخنا العلامة الأنصاري في بعض تحريراته (٢) : ـ من كون مقتضى الأصل المؤسّس في باب الألفاظ كون المضمون مرادا جدّيّا ـ لا يجدي في حمل المضمون على كونه حكما واقعيا ؛ إذ المسلّم كونه مرادا جدّيّا ، لا كونه منبعثا عن المصالح الأوّلية ، ولا يكون بلحاظ انتهاء أمد الحكم الفعلي بوروده ناسخا ، فإنّ ارتفاع موضوع (٣)
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٣٧ / ١٧.
(٢) كما في رسائله ( فرائد الاصول ) ـ نشر مكتبة جعفري التبريزي بطهران ـ : ٧٠ ـ ٧١.
(٣) قولنا : ( فإنّ ارتفاع موضوع ... إلخ ).
وذلك لأنّ انتهاء أمد المصلحة بوصول الخاصّ وإن كان يشبه النسخ ، فيتوهّم كونه ناسخا حيث لا فرق بين أنحاء المصالح وأطوار أمدها وانتهائها ، إلاّ أنّ الفرق بين ما نحن فيه وغيره :
هو أنّ الناسخ كاشف عن انتهاء أمد المصلحة في المنسوخ ، والخاصّ هنا بوصوله موجب لانتهاء أمدها ، لا كاشف عن انتهاء أمدها واقعا ، ولذا لا يكون قيام الدليل الاجتهادي على خلاف الأصل العملي ناسخا للحكم الظاهري ، وما نحن فيه ـ من حيث فرض امتداد المصلحة الثانوية العرضية إلى وصول الخاصّ ـ يشبه الحكم الظاهري ، لا من حيث ترتّبه على المشكوك ـ بما هو مشكوك ـ ليكون قاعدة مضروبة للثالث.
ثم إنّه ربما يدّعى : أنّ دوران الأمر بين النسخ والتخصيص ، وتعيّن الثاني عند وروده قبل حضور وقت العمل مترتّب على عدم تعقّل النسخ قبل حضور وقت العمل ، وهو مبنيّ على الخلط بين مفاد القضية الحقيقية والخارجية ، فإنّ القضية الحقيقية لا بشرط في صحّة جعلها وجود موضوعها في الخارج ، فلا معنى لورود الخاصّ قبل حضور وقت العمل أو بعده.