أنّه بداع آخر.
لا يقال : لعلّ الأوّل لأصالة عدم المانع مع إحراز المقتضي.
لأنّا نقول : عدم القرينة هنا جزء المقتضي للإطلاق ، وليس كالقرينة المانعة عن الظهور في غير المطلق.
لا يخفى عليك : أنّ ما افيد في الإيراد من تخيّل وروده (٢) مقام البيان مستدرك ؛ إذ الذي يختلّ بالظفر بالمقيّد هو عدم بيان القيد ، لا ورود الكلام مورد
__________________
ومنه تبيّن أنه لا وجه لما في المتن من دعوى جريان سيرة أهل المحاورة على التمسّك بالإطلاق إذا لم يكن ما يوجب صرف وجهه إلى غيره ؛ إذ الكلام بعد في تحقيق وجه للكلام ، فكيف جعل الوجه مفروغا عنه؟! بل الظاهر أنّ ما نحن فيه عكس موارد الكناية ، فإنّ المراد الاستعمالي هناك محقّق ، ويشكّ في أنه مراد جدّي ، أم لا ، وفيما نحن فيه المراد الجدّي محقّق ، وهو إما مقيّد أو مطلق ، لكنه يشكّ في أنه بصدد إظهار ذلك المراد الجدّي ، أم بصدد أمر آخر.
وكما أنّ العقلاء يحكمون هناك بمطابقة الجدّ للاستعمال ، فإنّ غير الجدّ يحتاج إلى التنبيه عليه ، وجدّ الشيء كأنه لا يزيد على الشيء ، فكذلك يحكمون هنا بأنّ المولى الذي مراده محقّق فهو بالجبلّة والطبع ـ أي لو خلّي ونفسه ـ يقوم بصدد إظهاره ، وكونه بصدد إظهار أمر آخر يحتاج إلى التنبيه عليه ، فينتج أنّ المراد الاستعمالي غير مهمل ، بل إما مطلق أو مقيّد ، فبضميمة عدم التقييد يثبت الإطلاق ، خصوصا إذا كان المورد مقام الحاجة ، ولو بمعنى حاجة السائل إلى فهم حكم المسألة ، كما هي عادة الرواة المتصدّين لضبط الأحكام عن الإمام ـ عليهالسلام ـ ويؤكّده ظهور الصيغة في الوجوب الفعلي ، ولا يتعلّق إلاّ بموضوعه التامّ ، وهو إمّا مطلق أو مقيّد بلا كلام. [ منه قدّس سرّه ].
(١) كفاية الأصول : ٢٥٠ / ٥.
(٢) لعل في ساقطة والعبارة هكذا ( وروده في مقام ).