التي لا تحتاج في ملاحظة حسنها وصفائها إلى مرآة أخرى ، فإن شئت تكلّفت وقدرت وقلت : لفظ ( زيد ) ثلاثي ، ولفظ ( ضرب ) موضوع لكذا ، وإن شئت تركت الجملة على حالها لظهور المراد منها.
وعلى أيّ حال ، ليس المراد منها أن لفظ ( ضرب ) فعل بالحمل الشائع ليتّجه الاعتراض بأنه ليس بفعل في هذا المقام قطعا وإلاّ لما صحّ الإخبار عنه ، ويلتجأ إلى أنه مستعمل في جنسه أو نوعه ، بل المراد ما عرفت ، وبالله التوفيق.
ومن ذلك يظهر ما في باقي كلام صاحب الفصول ـ طاب ثراه ـ ممّا تركنا نقله بلفظه مخافة التطويل ، وحاصله : « البحث عن الوجه في هذه الدلالة ، واختياره أنّها بالقرينة بعد استدلاله على أنه لا يمكن أن تكون وضعيّة ولا طبعيّة ولا عقلية ، وحكمه بخروج هذا الاستعمال عن حدّي الحقيقة والمجاز » فراجع (١) كلامه إن شئت وإن كنت في غنى عن هذه التكلّفات بما عرّفناك.
ومن الطريف ما نقله عن التفتازاني من أنّ هذه الدلالة نشأت من الاصطلاح والاتفاق حيث جرت طريقتهم على إطلاق اللفظ وإرادة نفسها (٢) ، فتأمل فيه فإنه من العجائب.
( الحكاية )
قد يتوهّم أنّ الجملة المحكية بألفاظها لا استعمال لمفرداتها ، وهذا وهم واضح الفساد ، لأن لازمه أن لا تكون لتلك الجمل معان أصلا ، وأن لا يفهم شيء منها إذ المعنى فرع الاستعمال ، ولا يعقل الإفهام إلاّ بالاستعمال.
والحقّ أنّ ألفاظها مستعملة كسائر الجمل ، ولكن المستعمل ليس هو
__________________
(١) راجع الفصول الغرويّة : ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) الفصول الغرويّة : ٢٣.