اعتباري منتزع من الذات بملاحظة قيام المبدأ بها » (١).
وهذا الكلام كما تراه صريح فيما أفاده الأستاذ فينبغي التأمل في مراده من الكلام السابق ، وفي وجه الجمع بينه وبين ما ذكره أخيرا.
وظنّي أنه رحمه الله لا يريد ترادف الهيئة مع لفظ ( ذو ) ، فإنه يبعد صدوره عن صغار المحصّلين فكيف عن محقّق مثله ، وإنما يريد به بيان أنّ مفاد المشتق ليس عين المبدأ ولو باعتبار اللاّبشرطية ، كما يوهمه ظاهر كلام بعض أهل المعقول ، وإنما معناه انتساب المبدأ بالذات وقيامه بها باعتبار الانتساب ، ولهذا لم يقل : إنه مرادف لـ ( ذو ) ، ولا انّ معناه معنى ( ذو ) ، بل قال : مفاده أي حاصله ومآله ، وبيان تلك النسبة الحرفية الربطية التي هي معنى الهيئة لا يمكن بأحسن من هذا البيان.
وإذا نظرت إلى مجموع كلامه ، وجمعت بين جميع أطرافه ، علمت أنه لا يريد بما أفاده إلاّ أنّ مجرد أخذ المبدأ لا بشرط لا يجوّز حمل الذات عليه ، بل لا بدّ فيه من اعتبار الوحدة كما في قولك : الإنسان جسم. ولا يمكن ذلك في قولك : زيد عالم ، أو متحرك. لأنه لا يراد بـ ( زيد ) المركّب من الذات ، وصفة العلم أو الحركة ، وهذا بحث آخر غير البحث عن مفهوم المشتق ، بل هو بحث في بيان شرائط الحمل فيه ، كما هو صريح قوله : ( إن حمل أحد المتغايرين لا يصح إلاّ بشروط ثلاثة ) (٢) فراجع.
الرابع : إطلاق المشتق على الذات المتصفة بمبدئه في الحال حقيقة اتفاقا ، كما أنّ إطلاقه على ما يتصف به في الاستقبال مجاز اتفاقا ، وفي إطلاقه على ما
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٦٢.
(٢) الفصول الغرويّة : ٦٢.