( مقدمة الواجب )
ومنهم (١) من جعل عنوان المسألة : ما لا يتمّ الواجب إلاّ به (٢) ، ولعلّه نظر إلى أنّ لفظ المقدّمة ظاهر في العلّة وأجزائها ، والبحث في أعمّ منها ومن غيرها ممّا لا يتم إلاّ به كرفع الضد الشاغل لحيّز مّا لتحلّ محلّه الضدّ الآخر ، فإنّ رفعه ليس من أجزاء العلّة ، وفيه كلام (٣) يأتي في مسألة الضدّ إن شاء الله.
والمشهور لدى المتأخرين : إنّ البحث هنا في إيجاب الملازمة العقلية بين إيجاب الشيء وبين إيجاب مقدّماته ، وعدمه ، فعلى هذا ينبغي ذكر هذا البحث في عداد مباحث المبادئ الأحكامية عند تقسيم الحكم إلى الخمسة المعروفة ، وإلى الوضعي والتكليفي كما صنعه جماعة أوّلا ، ففي الأحكام العقليّة لأنّ ثبوت الملازمة بينهما حكم عقلي صرف كما صنعه آخرون.
ويمكن أن يكون الكلام في ثبوت الدلالة اللفظية للهيئة على وجوب المقدّمة وعدمه ، فيدّعي القائل بالوجوب دلالة اللفظ عليه كما ادّعى غيره دلالته على الفور والتكرار ، فالبحث إذن يناسب مباحث الألفاظ.
ويمكن أن يكون الكلام فيهما معا ، إذ لا ملازمة بين المقامين ولا غناء لأحدهما عن الآخر ، فيمكن القول بثبوت الملازمة العقليّة ، وعدم الدلالة اللفظية ، وبالعكس كما في الفور والتكرار على القول بهما ، أو بثبوتهما معا ونفيهما كذلك.
__________________
(١) كصاحب المعالم طاب ثراه. ( مجد الدين ).
(٢) معالم الدين : ٦٠.
(٣) لعلّ وجه الكلام أنّ رفع الضد الشاغل للحيّز من أجزاء العلّة التامة ، لأن شغل الحيّز مانع عن حلول الضد الآخر ، ولا ريب أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة التامة ، كما لا يخفى على المحصّل الأديب أن يلاحظ مسألة الضدّ بالدقّة إن شاء الله تعالى. ( مجد الدين ).