وقد خفي ذلك على مقرّر بحثه ، حيث جعل المناقشة لفظية محضة ، فأطال القول في عدم الفرق بحسب الواقع بين قول القائل : افعل كذا في وقت كذا ، وبين قوله : إذا دخل وقت كذا فافعل كذا. وأنت إذا تأمّلت كلامه الطويل المملّ وجدته أجنبيّا عن مراد صاحب الفصول والشيخ معا.
نعم في أواخره بعض الإلمام (١) بما ذكرناه ، وخفي على غير واحد من الأساتيذ أيضا ، فزعموا أنّ الشيخ يجعل الجميع من قبيل المعلّق ، وينكر الواجب المشروط ، وهذا كان معتقد أهل العلم في النجف الأشرف ، حتى قدم عليهم السيد الأستاذ ، فعرّفهم بأن الشيخ الأعظم ينكر الواجب المعلّق ، ويجعل الجميع من قبيل المشروط.
وما أوقعهم في ذلك إلاّ مقرّر الشيخ الأعظم ، حيث أطال وكرّر في هذا البحث حديث عدم قابليّة الهيئة للتقييد ، ولزوم رجوعه إلى المادّة مطلقا ، فتوهّموا منه إنكاره المشروط.
وقد عرفت من البيان السابق عدم توقف تصوّر المشروط على تقييد الهيئة ، وأنّ الواجب المطلق أيضا لا يخلو من شرائط تتوقف المصلحة على وجودها ، وإنما الفرق حصول تلك الشرائط في الواجب المطلق واقعا ، وفي المشروط فرضا ، وأين هذا من تقييد الهيئة؟ فتأمّل جيّدا ، وتمام الكلام في الواجب المعلّق يأتي قريبا إن شاء الله.
( التعبدي والتوصلي )
قد يطلق التعبدي على الأحكام التي لا يدرك العقل مصلحتها كبعض
__________________
(١) الإلمام : نوع خفي من الإعلام. ( مجد الدين ).