مقامات عديدة.
وثانيا : بمنع كون المراد من النيّة قصد القربة ، بل المراد قصد العنوان (١) ، وفيه تكلّف.
( في اعتبار المباشرة وقصد العنوان وغيرهما )
انه إذا نظرت إلى الأغراض الباعثة على الأمر رأيتها تختلف اختلافا بيّنا ، فقد يكون الغرض صدور الفعل عن المأمور بشخصه وبمباشرته له ، كما لو أمرت ولدك بالذهاب إلى الكتّاب ، ويتعلّم الخطّ والحساب ، فإنه لا يكفيك أن يستأجر أحدا لذلك ، أو ينوب (٢) عنه أحد فيه ، وقد تكتفي بمجرد الإضافة إليه ولو بتسبّب منه ، كما لو أمرت بكنس الدار ، ورشّ الباب ، بل بمجرّد الإضافة وإن لم يكن بتسبّب منه ، كما لو ناب عنه أحد من غير اطّلاعه.
وأيضا قد لا يحصل الغرض إلاّ بإعمال الاختيار فيه ، بمعنى صدوره عنه اختيارا ، وقد لا يكون للاختيار فيه دخل ، فيكفي مجرّد الصدور منه.
وكذلك قد يكون لقصد العنوان دخل فيه ، فلا بدّ من إتيان المأمور به بعنوان أنه مأمور به ، وقد لا يكون كذلك ، وقد يكون الغرض مقيّدا بصدور الفعل بدواع خاصة من إطاعة ونحوها ، وقد يكفي مطلق الفعل ولو أتى به بالدواعي النفسانيّة ، ولا بدّ من أن تختلف الأوامر باختلاف هذه الأغراض لتبعيّتها لها.
والّذي دعانا إلى بيان هذا الأمر بيان أنّ الصيغة هل لها ظهور في شيء من هذه الأشياء أم لا؟ ثم على فرض عدم الظهور فما ذا مقتضى الأصول العلمية
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٦٣.
(٢) وهذا من باب ذكر العام بعد الخاصّ ، لأن النيابة يمكن أن تكون تبرعا أو باستيجار المنوب ، ويمكن أن يكون المراد الأول بقرينة المقابلة. ( مجد الدين ).