وقد سبق بيانه في تقسيمات الواجب.
ونزيدك إيضاحا لذلك بنقل بعض كلامه ، قال ـ بعد بيان أقسام الواجب ـ ما نصّه :
« إذا لم يكن الوقت شرطا في وجوب الفعل ، بل كان شرطا في وجوده كما هو الحال في الحج بالنسبة إلى وقته ، فلا إشكال في وجوب المقدّمة قبل حضور الزمان المضروب له ، بناء على القول بوجوب المقدّمة ، سواء وسع الوقت لمقدّمات الفعل أو لم يسعه وليس ذلك حينئذ من مسألتنا ، إذ ليس ذلك من تقدّم وجوب المقدّمة على ذيها.
ومن ذلك أيضا وجوب غسل الجنابة في الليل للصوم الواجب ، إذ الظاهر كون النهار محلا لوقوع الصوم ، لا شرطا في وجوبه ، كما في الصلاة اليومية بالنسبة إلى أوقاتها ، حيث دلّ الدليل على كون الوقت شرطا في وجوبها وصحّتها » (١) انتهى.
وهذا الكلام وغيره مما تركنا نقله حذار الإطناب صريح في أنه لا يقول بالوجوب النفسيّ إلاّ فيما دلّ الدليل على عدم تقدّم الوجوب على وقت الفعل ، فكيف نسب (٢) إليه القول به في جميع المقدّمات المذكورة.
ومنه يظهر عدم ورود ما اعترضه عليه ، بل عدم محصّل له لأنه صريح في التزامه بأنّ الوجوب في المقدّمات المشروط وجوبها بالوقت ليس ناشئا عن وجوب الغير ، فإذن أيّ موقع لقول المعترض : « والتزام الوجوب النفسيّ لا يدفع الإشكال الناشئ من جهة الغير » (٣) بل وأيّ موقع لما احتمله في كلامه من كون هذا النحو من الوجوب للمقدمة من لوازم وجوب ذيها ، ولما اعترض عليه من
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٢١٨.
(٢) بصيغة المعلوم ليكون فاعله الفاضل المقرّر ، ويحتمل أن يكون بصيغة المجهول. ( مجد الدين ).
(٣) مطارح الأنظار : ٥١.