عدم الوجه للاختصاص ببعض المقدّمات حينئذ؟ وما نشأ جميع ذلك إلاّ من الذهول عن مراد هذا الإمام.
وقد اتضح للمتأمّل في ما نقلنا من كلامه ، وفيما ذكرته في شرحه أنه ـ طاب ثراه ـ يجعل الوجوب في جميع هذه الموارد من قبيل المعلّق ، إلاّ فيما دلّ الدليل على عدم الوجوب قبل وقت الفعل ، فإنّه يجعله من الوجوب النفسيّ.
ولا بدّ لصاحب الفصول من غضّ الطرف عن الوجوب التعليقي فيه ، والقول بالوجوب النفسيّ أو بغيره ، وهب إنّه قد يأتي له القول بوجوب الغسل قبل الفجر ، فكيف يمكنه الالتزام بتقدّم وجوب الوضوء للصلاة ، أو حفظ الماء له قبل الوقت ، مع قولهم عليهم السلام : « إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور والصلاة » (١) الدالّ على عدم وجوب الوضوء قبل وقت الصلاة.
فتلخّص ممّا عرّفناك به أنه ـ طاب ثراه ـ يقول بالوجوب النفسيّ المطلوب للغير في بعض هذه الموارد ، وبالوجوب التعليقي في بعض.
أمّا بيان الأول منهما فقد سبق في أوائل بحث المقدّمة ، وتصحيح هذه الموارد به فلا شيء فيه ، إلاّ أنه يلزم منه عدم العقاب على ترك الصلاة ، بل على ترك المقدّمة ، وهو بعيد.
ولا يخفى أنّ هذا الاستبعاد يهون خطبة قلّة الموارد التي لا يمكن التخلّص فيها إلاّ به ، إذ لا أعرف الآن منها إلاّ وجوب حفظ الماء قبل وقت الصلاة ، وهذا على أنه لم يتحقّق الإجماع فيه ، ولم يتّضح الدليل عليه لا يصعب الالتزام باللازم المذكور فيه ، إذ الوضوء له بدل شرعي تصحّ الصلاة به ، ولا يصدق تركها معه.
اللهم إلاّ أن يفرض معه عدم التمكن من الصعيد أيضا ، وهو فرض نادر
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢ ـ ٦٧ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ ـ ٥٤٦.