اتصاف ذلك الفعل بالوجوب ، لوجوب ما هو المناط في انتزاعه عن محلّه » (١).
وحاصل هذا الجواب على اختلاف عبارات الذاهبين إليه ، وإسهابهم في بيانه : أنّ الطلب المشروط بشيء لا يوجب تحصيل ذلك الشيء ـ كما سبق بيانه ـ ولكن بعد العلم بحصوله له يؤثر في المكلّف ، ويلزمه بإيجاد المقدّمات ، مقدّمة كانت على وقت الفعل أو مقارنة معه.
الوجه الثالث : ما تقدّم نقله عن العلاّمة ـ الجدّ ـ وحرّره أخوه البارع ، فقال : « وينقسم الواجب باعتبار آخر إلى ما يتعلّق وجوبه بالمكلّف ، ولا يتوقف حصوله على أمر غير مقدور له ، وليسمّ منجّزا.
وإلى ما يتعلّق وجوبه به ويتوقف حصوله على أمر غير مقدور له ، وليسمّ معلّقا كالحج ، فإنّ وجوبه يتعلّق بالمكلّف من أوّل زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة ، ويتوقّف فعله على أمر غير مقدور.
والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط ، هو أنّ التوقف هناك للوجوب ، وهنا للفعل » (٢).
ثم أورد على نفسه ـ بعد كلام له ـ بما حاصله :
« إنّ التكليف لا بدّ أن يكون مشروطا ببلوغ المكلّف إلى الوقت الّذي يصحّ وقوعه منه ، وإلاّ لزم التكليف بالمحال ، ولازم الاشتراط عدم الوجوب قبل البلوغ ».
وأجاب عنه بما حاصله : « أنّ الشرط ليس نفس البلوغ ، بل كونه ممّن يبلغ ذلك الزمان ونحوه من الاعتبارات اللاحقة بالقياس إليه وهو حاصل فعلا ، والبلوغ كاشف عن وجوده ـ إلى أن قال ـ الفرق بين الواجب المعلّق والمشروط أنّ الموقوف عليه في المشروط شرط الوجوب ، وفي المعلّق شرط الفعل ، فلا
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٥٣.
(٢) الفصول الغروية : ٧٩.