تكليف في الأول بالفعل ولا وجوب قبله ، بخلاف الثاني ، ففرق ـ إذن ـ بين قول القائل : إذا دخل وقت كذا فافعل كذا. وبين قوله : افعل كذا في وقت كذا.
فإن الأولى جملة شرطية مفادها تعلّق الأمر والإلزام بالمكلّف عند دخول الوقت ، وهذا قد يقارن وقت الأداء فيه لوقت تعلّق الوجوب كما في المثال ، وقد يتأخر عنه كقولك : إن زارك زيد في الغداة فزره في العشي.
والثانية جملة طلبية مفادها إلزام المكلّف بالفعل في الوقت الآتي.
وحاصل الكلام أنه ينشئ في الأول طلبا مشروطا حصوله بمجيء الوقت ، وفي الثاني ينشئ طلبا حاليا ، والمطلوب فعل مقيّد به.
ومن هذا النوع كلّ واجب مطلق توقّف وجوده على مقدّمات مقدورة غير حاصلة ، فإنه يجب قبل وجوب المقدّمات إيجاد الفعل بعد زمن يمكن إيجادها فيه ، وإلاّ لزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا ، أو التكليف بما لا يطاق » (١) انتهى.
وأورد عليه بوجوه ، أعجبها : ما ذكره المقرّر ـ وتبعه غيره فيه ـ « من عدم الفرق بين كواشف الطلب من اللفظ ، وأنه لا فرق بين أن يجعل الزمان بحسب القواعد النحويّة قيدا للحكم ، أو قيدا للفعل ، كأنّ الخطب في الواجب المعلّق منحصر في الفرق بين التعبيرين فأتعب نفسه وضيّع نقسه (٢) وملأ أكثر من صفحة في عدم الفرق بين العبارتين ، وظنّ أنّ مرامه يظهر غاية الظهور فيما لو تجرّد الطلب من الكواشف اللفظية ، وثبت تحقّقه بدليل لبّي.
ثم قال : فهل تجد من نفسك فرقا فيما علمت بوجوب شيء في زمان بين الوجهين؟ كلاّ ، فلا فرق في محصّل المعنى بين قول القائل : إذا دخل وقت كذا
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨٠.
(٢) النقس ـ بكسر النون ـ المداد. الصحاح ٣ : ٩٨٦ ، القاموس المحيط ٢ : ٢٥٦ ( نقس ).