فليجعله من شاء من المشروط أو المطلق مطلقا ، ومن شاء فليفصّل فيه بجعله من المطلق إذا كانت المصلحة موجودة وقت الأمر ، ومن المشروط الّذي وجبت مقدّماته قبل حصول الشرط ، فإنما همّنا المعاني ، فإذا سلّمت فليصطلح من شاء ما شاء.
ثم نعيد النّظر فيما جعلوه المستند في إنكار المعلّق ، وهو : أنّ القيد لا يخلو من أن يكون خارجا عن حيز الإرادة ، وإمّا أن يكون داخلا فيه ، ولا ثالث لهما عقلا ، والقيود الخارجة عن قدرة المكلّف من قبيل الأوّل قطعا.
ونقول ـ زيادة على ما سلف ـ : إنّ ما ذكروه من عدم تثليث الأقسام ممّا لا ريب فيه ، إذ عدم الواسطة بين النقيضين من أجلى الواضحات ، وإنما الخطب في إدخالهم القيود الخارجة عن القدرة في التقسيم ، لأنه تعبير فاسد ، وربّما يسري فساده إلى المعنى ، إذ الإرادة لا يتحقق مفهومها في غير المقدور ، فهو خارج عن المقسم أصلا ، وفرق ظاهر بين ما يمكن تعلّقها به وبين غيره ، والتعبير بالخروج عمّا ليس من شأنه الدخول ممّا تأباه قواعد الصناعة ، ولعلّ هذا هو الوجه فيما نقله في البدائع عن بعضهم من أنّ الوقت ليس شرطا في الوجوب بل هو ظرف له (١).
قال في الفصول ـ بعد بيان التعليق بالوقت ـ ما لفظه : « واعلم أنّه كما يصح أن يكون وجوب الواجب على تقدير حصول أمر غير مقدور ـ وقد عرفت بيانه ـ كذلك يصح أن يكون وجوبه على تقدير حصول أمر مقدور ، فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله ، وعلى تقدير حصوله يكون واجبا قبل حصوله ، كما لو توقّف الحج المنذور على ركوب الدابّة المغصوبة » (٢) إلى آخر ما ذكره.
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٣١٥.
(٢) الفصول الغروية : ٨٠.