ترك الحرام مطلقا لا على تقدير حصوله ، ومطلوبيّة فعل الواجب على تقدير حصوله » (١) انتهى.
وهذا الجواب لا ينبغي فيه الارتياب بناء على إمكان الترتّب ، لأنه إن لم يكنه بعينه فهو ( أخوه غذته أمّه بلبانه ) فمن كان من هؤلاء المعترضين منكرا للترتّب فلا كلام لنا معه هنا ، وموعده المسألة الآتية إن شاء الله.
وأمّا من يقول به كسيّدنا الأستاذ ، فما أدري ما الّذي يريبه منه؟ وما هو إلاّ تعبير جيّد واضح عن الترتّب ، لا يتأتّى للقائلين به أجود منه ولا أوضح ، ولا تكاد أن تجد فرقا بين مقالة هذين الإمامين إلاّ في التسمية فقط ، فصاحب الفصول يجعل ذلك من قبيل المطلق ويسمّيه المعلّق ، والسيد الأستاذ يجعله من المشروط الّذي يؤول إلى المطلق ، ويأتي بيانه ـ إن شاء الله ـ في موضعه.
وسمعت من السيد الأستاذ في مجلس الدرس ما حاصله : « إنّ صحة الوضوء في هذا الفرض مناف لذوق الفقاهة ، وأيضا لا تجري قاعدة الترتّب إلاّ فيما يعلم بقاء المصلحة ، والمقتضي في الفعل وهو غير معلوم في هذه الصورة ، بل جعل البدل له كاشف عن عدم المقتضي له والصلاح فيه ، بل يمكن دعوى الإجماع على أنّ التيمم متى كان مشروعا لا يشرع الوضوء ».
أقول : أما الاستبعاد فليس بأوّل مستبعد فقهي اقتضته قاعدة أصولية ، وأنت تعلم أنّه يترتب على قاعدتي الترتب وجواز اجتماع الأمر والنهي ـ اللّتين هو المشيّد لهما والمدافع عنهما ـ ما هو أبعد من صحّة هذا الوضوء ، وعلى العالم بالفنّين أن يجري في أمثال هذه المسائل على ما أصله في الأصول حتى يصدّه نصّ أو إجماع فيرفع اليد عنه في ذلك المورد خاصة ، ولا نصّ على البطلان قطعا ، وتعرف حال دعوى الإجماع قريبا إن شاء الله.
وأمّا استكشاف عدم المقتضي والمصلحة فيه من جعل البدل له فنحن
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٨٠.