أمّا حدوث العناوين الفعلية للأشياء بها ففي غاية الظهور فإنّ القمر ليل التمام متّصف فعلا بعنوان أنه بعد الهلال وقبل المحاق ، كما هو متّصف بالإبدار ، وكذلك عروض الصلاح والفساد ، والحبّ والبغض ، فإذا علمت بقدوم الملك بعد أيّام وأنه يعطي مستقبلية المال والجزيل ، وينكل القاعدين عنه أشدّ تنكيل فلا شك أنّ الاستقبال الّذي ليس إلاّ صفة منتزعة عن القدوم المتأخّر فيه الصلاح فعلا ، وفي تركه الفساد.
وإذا علمت أنّ رجلا يدفعك في مطمورة بعد سنة ، وينقذك منها رجل آخر ، تجد من نفسك حبّ هذا ، ومن عقلك حسن الإحسان إليه ، كما تجد بغض الدافع فيها.
وبالتأمل في هذه الأمثلة وأمثالها يتّضح لديك أنّ الأثر للصفة الفعلية الموجودة بالإضافة إلى المعدوم لا للمعدوم حتّى يلزم المحال من كون العدم معطيا للوجود ، وهذا نظير العلّة الغائية ، فكون الشجر ممّا يثمر بعد سنين هو الّذي يدعو إلى غرسه ، ويدعو الفلاّح في إيجاد مقدّماته ، لا نفس الثمر الّذي لم يوجد بعد حتى يلزم المحال المذكور ، وهذا مراد العلاّمة ـ العمّ ـ من أنّ الشرط هو التعقّب ونحوه ، لا ما فهمه بعض من حكم عليه بالفساد ، وأورد عليه أبرد إيراد ، فقال : إنّ التعقّب أمر اعتباريّ ، فلا يكون منشأ للآثار.
( اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه )
الظاهر أنّ الخلاف في هذه المسألة واقع في كلّ من دلالة لفظ الأمر على النهي عنه ، ومن الملازمة العقلية بين الأمر به وبين النّهي عنه ، على حذو ما سبق في المسألة السابقة.
والمراد من الاقتضاء ما يعمّ العينيّة واللزوم ، كما أنّ المراد من الضدّ هنا مطلق المعاند فيشمل الترك المعبّر عنه بالضدّ العامّ ، لا خصوص الضدّ