وهذا الوقت الّذي يصرفه هذا الفاضل على انتقاد كلام صاحب الفصول لو كان يصرفه على تحصيل مرامه لكان هو الأسلم لنا والأجدر به ، والله العاصم.
ومن وجوه التخلّص عن النهي ما تقدم نقله عن المعالم أعني عدم وجوب المقدّمة حال عدم إرادة المكلّف امتثال ذيها.
وقد عرفت أنّ الظاهر منه عدم وجوب غير الموصلة من المقدّمات ، ويحتمل أن يكون مراده أنّ المقدّمة المقرونة بالصارف بقيد أنّها معه ليست بمقدّمة فعليّة (١) للواجب ، إذ لا يمكن التوصّل بها إليه فعلا ، وستعرف ـ إن شاء الله ـ أنّ قاعدة الترتّب كافية لتصحيح الأمر ، والتخلّص عن النهي معا.
وأما الأمر بالضدّ ، فقد يقال بإمكان تعلّق الأمرين المطلقين بالضدّين إذا لم يكونا مضيّقين ، وقد نسب ذلك إلى المحقق الثاني (٢).
وقد يمنع عن ذلك ، ويقال بأنه يمكن أن يتعلّق بالضدّ المهم أمر مشروط بعصيان الأهمّ ، فلا أمر بالمهمّ إذا امتثل أمر الأهمّ ، لفقدان شرطه ، ولكنه مأمور به على فرض عصيان الأمر المطلق المتعلّق بالأهم ، وهذا هو الترتّب بين الأمرين المتعلّقين بالمتزاحمين الّذي ذهب إليه العلاّمة ـ الجدّ (٣) ـ وأقام على إمكانه البرهان ، وأوضحه السيد الأستاذ غاية الإيضاح (٤) ، وإليك بيانه على ما استفدناه مع زيادات نافعة ، ويتوقف توضيحه على مقدّمات :
أولها : أنّ الحكم في مقام الامتثال للعقل وحده ، ومن حكمه إذا ورد من
__________________
(١) وإن كانت مقدّمة شأنيّة. ( مجد الدين ).
(٢) المحقق الكركي في جامع المقاصد. ( مجد الدين ).
(٣) صاحب الهداية ، وإليه ذهب أيضا الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ، وأقام عليه البرهان ، فلو قال : جدّان. لكان أولى. ( مجد الدين ).
(٤) وهذا غير الترتب بين الحكمين الّذي يأتي بيانه في محلّه إن شاء الله. ( منه رحمه الله ).