ثوب وسواده معا ، فإذا كان الملك يعطي لمن استقبله على فرس أدهم (١) دارا جديدة البناء ، وعلى كميت (٢) جارية حسناء ، فلا شك في عدم التعاند بين الصلاحين ، بل العلم ـ الّذي عرفت أنّه حقيقة الإرادة ـ حاصل بتمام الصلاح في الفعلين ، وكمال الالتئام بينهما.
فاستبان من ذلك أنّ التزاحم بين الفعلين لا يستلزم التزاحم بين الأمرين ، وأنه لا مانع من طلبهما ، والإلزام بهما ، والبعث عليهما ، إلاّ إذا استلزم التكليف بما لا يطاق ، ولا يكون ذلك إلاّ إذا كانت إطاعة أحدهما مستلزمة لعصيان الآخر ، وإلزاما (٣) بصرف القدرة التي لا تسع إلاّ لأحدهما عليهما معا.
رابعها : قد عرفت ـ في المباحث السابقة ـ أنّ مقدمة الواجب المشروط غير واجبة ، بمعنى أنه لا يجب تحصيلها ، إذا الوجوب على فرض وجودها فالبعث على الفعل لا يكون باعثا عليها مع العلم بعدم حصولها ، وأما مع حصولها والعلم به فهو كالمطلق في وجوب تحصيل مقدّماته الوجودية ، وهذا معنى قولهم : إن الواجب المشروط مطلق عند حصول شرطه ، لا أنه ينقلب إليه ويكون أحد مصاديقه.
ولهذا لو كان الشرط اختياريا استمراريّا كان للمكلّف ترك الشرط فالواجب مشروط به ، فلو قال : أدم تلاوة القرآن إن كنت في المسجد. فللمكلّف الخروج متى شاء ، وترك التلاوة بعده ، فالواجب المشروط شأنه سدّ جميع أبواب الترك إلاّ من ناحية ترك شرطه ، بخلاف المطلق الّذي مقتضاه سدّ أبوابه من جميع الجهات.
__________________
(١) الأدهم : الفرس الّذي يشتدّ سواده. مجمع البحرين ٦ : ٦٥ ( دهم ).
(٢) الفرس الأحمر. مجمع البحرين ٢ : ٢١٧ ( كمت ).
(٣) معطوف على التكليف ، ويحتمل ضعيفا أن يكون معطوفا على ( مستلزمه ) لكن هذا خلاف التحقيق. ( مجد الدين ).