زاوية منها ، فإنه يمنع ولده من دخول الدار ، ويؤثر هلاك العقد على أن تمسّ النار جسد ولده ، ولكن لو علم بأنه يخالفه في الدخول فلا شك أنه يأمره بإخراج العقد ، ولا يرضى بفوت مصلحة الفعل على تقدير وقوع مفسدة المنهي عنه.
وفيما تقدّم في مسألة التوضّؤ بالآنية المغصوبة ، وما يأتي إن شاء الله في مسألة من توسّط أرضا مغصوبة زيادة توضيح وبيان.
ثالثها : كما يقع التزاحم بين الواجبات يقع أيضا بين المستحبات ، بل لا يخلو كلّ مكلّف في كل زمان من عدّة متزاحمات منها مختلفة الأنواع والأصناف (١) ، ولا شك في عدم إمكان تعلّق الأوامر المطلقة بجميعها ، لأن استحالة التكليف بالمحال لا يختص بالتكليف الإلزاميّ ، وما ذكرناه من الترتب بين الواجبات يأتي بعينه في المستحبات بعد تخصيص لفظ الشرط (٢) بالترك ، فيقال : يتعلّق الأمر المطلق بأهم المتزاحمات ، وبكل مهمّ على تقدير ترك الأهمّ منها ، وهكذا حتّى يستوعب الجميع ، وإذا تساوت عدّة منها يكون الأمر فيها على التخيير على النمط السابق بيانه.
ولا مناص لمنكر الترتّب عن تخصيص الأمر بأهمّ الجميع ، والالتزام بعدم تعلّقه بغيره ، وأقصى ما تناله يده في تصحيح العبادات المهمّة هو الاكتفاء فيه بالمحبوبيّة الذاتيّة ، كما يقوله بعض الأساتيذ (٣) ، وهذا على علاّته (٤) المتقدّمة في بحث أقسام الأمر ، اللازم منه أن يمرّ على المكلّف ستّون وسنة وأكثر ولا يتعلّق به أمر التطوّع بالصوم والاعتكاف إذا كان له رحم تتوقف صلته على المسافرة ، بل
__________________
(١) وهذا من باب ذكر الخاصّ بعد العام نظير قوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) لأن الأجناس تنقسم إلى الأنواع ، والأنواع تنقسم إلى الأصناف مثل الحيوان منقسم إلى الإنسان وغيره ، والإنسان إلى الروميّ والزنجيّ. ( مجد الدين ).
(٢) أي العصيان. ( مجد الدين ).
(٣) صاحب الكفاية. ( مجد الدين ).
(٤) العلاّت جمع للعلّة التي بمعنى الداء. ( مجد الدين ).