وإن شئت قلت : الفرد الّذي له جهتان تقييديّتان يكون باعتبار إحداهما مأمورا به ، وباعتبار الأخرى منهيّا عنه ، ويكون المكلّف قادرا على امتثالهما معا ، وأن لا يسري شيء من المصلحة والمفسدة من أحد الطلبين إلى الآخر ، وأن يكون كلاّ منهما تامّا في مرحلة التكليف.
فاستبان من ذلك خروج الواحد ذي جهة واحدة لأن التكليف به تكليف بالمحال ، بل تكليف محال.
وكذلك (١) الجهتان إذا كانتا تعليليّتين وإن تفارقت الجهتان ، لأنّ تعدّد العلّة لا يقضي بتعدّد المتعلّق.
وكذلك كلّ شيئين متساويين أو متلازمين ، لعدم التمكن من الامتثال وما كان بينهما عموم مطلق مع تعلّق الأمر بالأخص أو عموما من وجه مع انحصار أفراد أحدهما في الآخر.
( اعتبار المندوحة )
واستبان أيضا اعتبار المندوحة في مورد النزاع ، كما صرّح به أكثرهم ، واعتذر في الفصول عمّن ترك التقييد به بأنه اتّكل على وضوحه (٢). وبه صرّح الأستاذ في الفوائد (٣) ، ولكن عدل عنه في الكفاية ، وقال ما حاصله :
إنّ المهمّ في المقام البحث عن كفاية تعدّد الجهة في دفع المحال من اجتماع الضدّين وعدمها ، ولا يتفاوت في ذلك وجود المندوحة وعدمها ، ولزوم
__________________
(١) هذا هو الاصطلاح الشائع هنا وفي كتب المعقول ، وعليه جرى الشيخ الإمام وغيره.
وعن صاحب المناهج وغيره عكس ذلك وهو أنّ النزاع في الجهتين التعليليّتين خارجتان عنه ، والظاهر أن الاختلاف في مجرّد اللفظ والتسمية ، وإلاّ فالمعنى غير قابل للخلاف فيه ، فإطالة بعض أساتيذنا في بيان ذلك مما لا يترتّب عليه فائدة مهمّة. ( منه ).
(٢) الفصول الغروية : ١٢٤.
(٣) فوائد الأصول : ١٤٤.