فيها عن هذه المسألة بما بعضه بلفظه :
« لما كان تعلّقهما في البحث السابق بطبيعتين متغايرتين فربّما أمكن توهّم جواز الاجتماع من حيث تغاير كلّ من المتعلّقين في حدّ نفسه ، وأمّا في المقام فإنّما يتعلّقان بطبيعة واحدة ذهنا وخارجا ، ضرورة أن المطلق والمقيّد متّحدان ذاتا وإنّما يتغايران بحسب الإطلاق والتقييد ، فإن الماهيّة التي لا يلاحظ معها شيء هي عين تلك الماهيّة إذا أخذت ببعض الاعتبارات » (١).
( ابتناء المسألة على أنّ متعلّق الأحكام الطبائع أو الأفراد )
قد يتوهّم أنّ القائل بتعلّق الحكم بالأفراد لا يمكنه القول بجواز الاجتماع لاتّحاد المتعلّقين ، بخلاف القائل بتعلّقها بالطبائع ، ولذا يدرج بعضهم ذلك النزاع في هذه المسألة ، وترى القائل بالمنع ينتصر للقول الثاني ، ويجعله أساس حجّته ، ويزعم أنّه لو ألزم خصمه بقبوله لتمّ له الفلج ويلحّ المجوّز في ردّه ، والاستدلال على القول الأول ظنّا منه أنّ بإثباته يثبت مدّعاه ، ويتمّ له الظفر على مخالفه.
ولا يخفى أنّ هذا النزاع على طوله وقلّة طائله لا محصّل له ، إلاّ أنّ الوجود اللازم اعتباره في متعلّق الطلب هل هو وجود الفرد أو وجود الطبيعة؟ وبعبارة أخرى : إنّ الواجب على المكلّف إيجاد هذا أو تركه؟ أو إيجاد هذه أو تركها؟ وأيّا كان لا شك في وجود الجهتين حتى في الفرد.
فإن كان وجودهما كافيا لدفع التضادّ أمكن القول بالجواز لأنه فرد لطبيعتين.
وإن شئت قلت : إنّ الفرد الخارجي ينحلّ إلى فردين موجودين بوجود
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ١٤١.