وإن أراد عدم اختلاف العوارض واتّحادها في الوجود فهو الممنوع أشدّ المنع ، إذ كل مشتق ينتزع من مبدئه القائم به ، ومن المحال انتزاع القائم من العلم ، والعلم من القيام أو اتّحادهما في مورد الاجتماع وهما مختلفان حقيقة ، بل كل من العناوين الطارئة على الذات موجود في الخارج متشخّص بتشخّصاته ، غايته أنّ كلّ عنوان يكون مشخّصا لغيره ، فالصلاة مثلا قد تشخّصت بكونها في المكان المغصوب ، وكذلك الغصب قد تشخّص بها كما تتشخّص بغيرها من الأفعال.
وبالجملة الموجود في الخارج حقيقتان متمايزتان بحسب التشخّص ، وغايته أنّهما موجودان بوجود واحد ، والتركيب انضمامي لا اتّحادي ، إذ الجهتان تقييديّتان لا تعليليّتان.
فما حسبه محالا ـ أعني أن يكون لموجود واحد ماهيّتان ـ هو الممكن ، وما زعمه من الاتحاد هو المحال.
وبعد ذلك فلا مانع من الاجتماع بعد اختلاف المتعلّق كما في سائر التركيبات الانضماميّة ، ولا فرق إلاّ أن كلاّ من المتعلّقين صار مشخّصا لمتعلّق الآخر ، وسبق أنّ المشخّصات لا تتعلّق بها الإرادة التشريعيّة كالتكوينيّة.
وأما الاستدلال على الجواز بالوقوع فهو دعوى اجتماعهما في حكم من توسّط أرضا مغصوبة ، وفي العبادات المكروهة ، واجتماع الأمثال في تداخل الأسباب ، ونحن بحول الله تعالى نلخّص لك القول في هذه المسائل ، ونقول :
( حكم من توسّط أرضا مغصوبة )
وفرض المسألة فيه من باب المثال ، وإلاّ فالكلام يجري في نظائره ممّا لا حصر له ، كنزع الثوب المغصوب ، وإخراج الآلة من عضو الأجنبية ، وردّ