معصية بواسطة النهي فهو كلام مختل النظام » (١).
قلت : ستعرف أنّ نظام كلامه ما عليه مزيد ، ويفوق حسنا على نظام الفريد.
وقوله : « فيكون معصية » فهو تلك الفرية ذكرها لدى تعداد الأقوال ، وقد نبّهناك عليه ، وحاشا صاحب الفصول عن القول بكون أداء الواجب معصية فيقع في غلط يرتفع عنه صغار المحصّلين ، وإنّما يقول بجريان حكم المعصية عليه ، ولا بدّ لك من الإذعان بصحّة مقاله إذا عرّفناك معنى جريان حكم المعصية.
عاد كلامه : « أما أولا فلأنّ التصرف في مال الغير ليس من العناوين التي لا يتبدل حكمها بلحوق العناوين اللاحقة للأفعال ، ضرورة اتّصافه بالوجوب عند لحوق عنوان حفظ النّفس مثلا بالتصرف المذكور ، فيمكن أن يلحق بالتصرّف عنوان يكون ذلك العنوان مناطا لاختلاف حكم التصرّف المذكور ، مثل كونه تخلّصا عن الغصب على وجه الانحصار ، ولا شك أنّ موضوع التخلّص عن الغصب مما لا يختلف حكمه بعد الدخول وقبله وإن توقف وجود الخروج في الخارج على الدخول بواسطة ترتيب طبيعي بينهما ، ومثل هذا التوقف الوجوديّ لا يعقل أن يكون منشأ لاختلاف حكم ذلك الموقوف ، إذ الحكم تابع لعنوان ينتزع من ذات الفعل تارة بالذات ، وأخرى بواسطة الاعتبارات عند وجوده في الخارج لكونه موردا للحسن والقبح ، ولا مدخل للأمور التي يتوقف وجود العنوان عليها في ذلك ، كما هو ظاهر لدى من له مسكة بالمطالب » (٢).
هذه القطعة من كلامه تحوي بيان أمر واضح لا يحتاج إلى هذه الإطالة ، وكان يكفيه أن يقول : إن التصرف في مال الغير يختلف حكمه باختلاف العناوين.
ومنها : التخلّص ، ولكنّها لا تنفعه فيما يروم ، ولا يضرّ صاحب الفصول ،
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٥٥.
(٢) مطارح الأنظار : ١٥٥.