إليه ، فما صنعه من المقابلة بينهما في أول كلامه وآخره لا يصح أبدا ، وإنّما يصح في مثل الأجنبية والزوجة ، فالنظر إلى الأجنبية محرّم ، وجائز بعد صيرورتها زوجة ، وعندها يرتفع موضوع الأجنبية ، لا مثل المقام الّذي عنوان الغصبية باق مع عنوان التخلّص.
وقوله في آخرها : فالغصب مبغوض دائما ، والتخلص من غير فرق قبل الدخول وبعده (١). فاسد جرى فساده إلى جميع ما اعترض على الفصول جريان السقم في البدن الصحيح ، بل هو أساس اعتراضاته واعتراضات موافقيه ، فلا بدّ لنا من هدمه من أصله وإن أدّى إلى الإسهاب.
فنقول : إن وجوب التخلص متأخر رتبة بحسب الطلب والموضوع عن حرمة الغصب ، فلا يعقل لحاظه مع الأول.
أما تأخره موضوعا فقد مرّ بيانه ، وعلمت أنّ التخلّص لا يعقل تصور عنوانه إلاّ بعد وقوع المحذور ، فهو كعنوان العلاج المتأخر تصوره عن تصور الداء ، وليس تأخره بمجرد الخارج كما سبق ، بل متأخّر ذهنا وخارجا.
وأما تأخّره حكما ، فلأنه مترتب على عصيان النهي بالدخول ، ومرتبة عصيان الطلب متأخر عنه ، ولا يعقل لحاظه معه ، ولذا قالوا : إن الطلب بالنسبة إلى الإطاعة والعصيان لا إطلاق له ولا تقييد ، لأنهما فرعا اللحاظ ولحاظ المتأخّر طبعا محال.
وهذا أساس شريف يبنى عليه مسائل مهمة كالجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ، وتصوّر الأمر بالمهم عند عصيان الأهم ، وغيرهما ، وقد أوضحنا ذلك فيما سلف من هذا الكتاب.
وعليه فالمولى عند نهيه عن الغصب لا يمكنه ملاحظة عصيانه الّذي هو
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٥٥.