بناءان ساقطان
بنى بعض أساتيذنا صحة ما ذهب إليه الفصول على مسألة جواز الاجتماع نظرا إلى تعدّد العنوان ، فإنه منهي عنه قبل الدخول ومأمور به بعده لكن بعنوان التخلّص.
وبنى صاحبنا العلاّمة صحّته على كون الخروج مقدّمة لترك الغصب الزائد ، ولذا اختار مختاره على هذا التقدير ، وقول صاحب الكفاية على تقدير عدم المقدّميّة (١).
وكلا البناءين ساقطان ، أمّا الأوّل ، فلأنّ من المقرّر في مورد الكلام في الاجتماع أن يكون الفرد مصداقا لهويتين متباينتين داخلتين تحت مقولتين ، موجودة كلّ واحدة منهما بمختصّاتها كما مرّ تفصيله. وأين ذلك من هذه المسألة التي ليست إلاّ مقولة واحدة تشتمل إحداهما الأخرى؟ بل هي أحد أفرادها ومصاديقها ، ولعلّه لا يريد كونها من جزئيّات تلك المسألة ، بل يريد إجراء مناط تعدّد الجهة فيها.
وأيّاً كان ، فلا يجدي ما سمّاه تعدّد العنوان لأنّ ما ذكرناه من تأخّر عنوان الخروج رتبة عن النهي إن صحّ ـ وقد صحّ إن شاء الله ـ صحّ ما ذهب إليه الفصول ، ولو لم يجد تعدّد العنوان في تلك المسألة ، وإلاّ فلا يجدي هذا التعدّد ، ويظهر لك ذلك بإمعان النّظر فيما قدّمناه.
وما صدّه عن اختيار قول الفصول إلاّ زعمه منافاة انقلاب التكليف مع بقاء أثر الحكم ، كما صرّح به ، وكأنه فهم من بقاء الأثر غير ما أراده صاحب الفصول ، وإلاّ فهو أرفع مقاما من توهم منافاة صحة العقاب على النهي السابق
__________________
(١) درر الفوائد ١ : ١٢٨.