بالصحّة في الفريضة.
وليت شعري ما هذا الإشعار وما سببه؟ فانظر كيف عكس الأمر ، فجعل الصحّة للفريضة ، ثم التجأ إلى توجيهه بقيام الدليل من إجماع وغيره ، مع أنّ الظاهر قيام الإجماع على عدم صحّة إتيان الفريضة اختيارا على هذه الصفة.
( العبادات المكروهة )
هذه إحدى المسائل الصعبة ، وما صعبت إلاّ لتفسير العبادة بما يعتبر فيها قصد الامتثال ، المفسر بقصد الأمر الملازم للرجحان والمحبوبيّة ، كما أوجب ذلك صعوبة تصوّر اعتبار قصد الأمر فيها.
وقد سبق منّا ـ في بحث الأمر ـ عدم اعتباره في معنى العبادة فضلا عن اعتبار قصده ، ولا الرجحان والمحبوبيّة.
وقلنا : إنّ العبادة من حيث ذاتها قابلة للأحكام الخمسة كسائر أفعال المكلّفين ، ولكن لا بد لنا من إعادة ما أسلفناه ، وتفصيل ما أجملناه.
فنقول : العبادة من الأفعال القصدية كالتعظيم والتحقير ، فكما لا يتحقّقان إلاّ بأمور ثلاثة : القصد ، وكون الفعل ممّا يحصلان به طبعا أو جعلا ، وتعيين من يعظم أو يحقر ، فكذلك العبادة التي حقيقتها إظهار الخضوع والتعظيم والانقياد ونحوها من المعاني المتقاربة.
فالسجدة التي تكاد أن تكون عبادة طبيعيّة متى أوقعها المؤمن لله تعالى كانت عبادة له امر بها أم لا ، كما أنّ الكافر إذا أوقعها لندّه كانت عبادة للصنم من غير توقف على أمر آخر غير الأمور الثلاثة أمرا كان أو غيره.
ونقول بعد ذلك : إنّ العبادة قد تكون ذات مصلحة ملزمة أو غير ملزمة ، وقد تكون فيها مفسدة كذلك ، كالصلاة واجبة ومستحبة ، وكصوم العيدين والأيام المكروهة.