الأوامر.
وأما الجواب ، فهو ذلك الجواب ، ولكن سلبه بزّته (١) بعد ما أخلق ديباجته ، لأنّ الفصول جعل متعلّق كلّ من الطلبين غير متعلّق الآخر ، فصحّ جوابه حتّى على القول بامتناع الاجتماع.
وأما هذا الفاضل وجّهه بما لا يرضى به حتى القائل بالجواز ، لأنّه وجّه الطلبين في أول كلامه إلى النقيضين ـ راجع أول كلامه المنقول ـ غايته كلّ بجهة ، وفيه وفي أمثاله لا بدّ من وقوع الكسر والانكسار بين المصلحتين شأن كثير من الواجبات والمحرّمات ، إذ قلّما تجد واجبا خاليا من جميع جهات الصلاح ، أو محرّما ليس فيه وجه للصلاح ، وقد قال تعالى في المحرّمين العظيمين : ( فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ )(٢) فإذا اجتمع طلب الصوم مع طلب تركه لإجابة المؤمن فلا بدّ من فعليّة أحدهما ، وعدم فعليّة الآخر ، فإذا كانت مصلحة الإجابة هي الأشدّ ، فلا يعقل تعلّق الطلب الفعلي بالصوم.
وهذا أوضح من أن يخفى على مثل هذا الفاضل ، ولكنه يراوغ (٣) عن انقسام كلّ من متعلّقي الطلبين إلى قسمين ، كما حقّقه صاحب الفصول ، ثم لا يجد بدّا من الاعتراف به ، كما هو مقتضى سائر كلامه.
( اجتماع الأسباب )
حكى الفاضل النراقي عن بعض مجوّزي اجتماع الأمر والنهي الاستدلال بإجزاء غسل واحد عن الجنابة والجمعة ، زعما منه أنّ ذلك من باب
__________________
(١) البزّة بالكسر : الهيئة. الصحاح ٣ : ٨٦٥ ، مجمع البحرين ٤ : ٨ ( بزز ).
(٢) البقرة : ٢١٩.
(٣) أي : يميل إليه في خفاء. مجمع البحرين ٥ : ١٠ ( روغ ).