قالوا : إنّ المفهوم من صفات الدلالة أو المدلول ، لا من صفات نفس القضيّة إلاّ أن يتّصف بها بهذا الاعتبار بنحو من التسامح.
وقال صاحبنا طاب ثراه (١) : « إن النزاع في المفاهيم راجع إلى الصغرى ، وأن القضيّة الكذائيّة هل لها مفهوم أم لا » (٢).
أقول : المراد من المفهوم ما يقابل المنطوق ، فكما أنّ المنطوق هو القضيّة التي نطق بها ، فالمفهوم ـ بحكم المقابلة ـ هي القضيّة التي لم ينطق بها ، فإذا كان المنطوق وجوب إكرام ( زيد ) على تقدير المجيء فالمفهوم عدم وجوبه على تقدير عدمه.
وإنما الخلاف في حجّيته وعدمها ، وأنه هل يدلّ عليه اللفظ دلالة معتبرة أم لا؟ ولهذا ترى الغالب في تعبيراتهم أنّ مفهوم اللقب أو العدد حجة أم لا ، أو هما ضعيفان ، وإن كانوا قد يقولون : إن اللقب لا مفهوم له ، تسامحا ، فليتأمّل في مرادهم من أنه من صفات الدلالة أو المدلول ، وفي معنى قوله طاب ثراه : « إن النزاع صغروي » وكيف الجمع بين قوله هذا ، وقوله قبله : « إن المفهوم هو القضيّة غير المذكورة » (٣).
( أقسام المنطوق والمفهوم )
قسّم الأول إلى صريح وغير صريح ، والأخير إلى أقسام لا تجدها إلاّ صرف الاصطلاح.
والثاني إلى مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ، وهي دلالة الاقتضاء ، ودلالة
__________________
(١) حيث إنّ المؤلّف رحمه الله قد كتب بحث المفاهيم بعد وفاة الشيخ الحائري رحمه الله لذا نراه يعبّر عنه بعبارة « طاب ثراه ».
(٢) درر الفوائد ١ : ١٥٩.
(٣) درر الفوائد ١ : ١٥٩.