نحو نفسه ، وهو واضح الفساد ، والمقام يحتاج إلى تحرير تام ، وعند الكلام على الأوامر الإرشادية تعرفه إن شاء الله.
( حكم القطع إذا أخطأ الواقع )
مخالفة القطع مع الواقع لا يخلو من أقسام أربعة : لأنه قد يأتي بغير الحرام باعتقاد أنه حرام ، أو يأتي بغير المأمور به باعتقاد أنه مأمور به ، أو يأتي بالحرام باعتقاد أنه حرام آخر ، أو يأتي بالمأمور به باعتقاد أنه مأمور به ولكنه غيره.
والأول يسمى ـ عندهم ـ بالتجري ، والثاني بالانقياد ، وأما الثالث والرابع ، فلم أجد أحدا تعرّض لهما ، ونحن نذكر ما عندنا في كلّ من هذه الأقسام إن شاء الله.
( التجري )
إذا قطع بحرمة شيء غير محرّم ، فارتكبه ـ ويسمى بالتجري ـ فهل يحكم عليه بقبح الفعل ، واستحقاقه العقاب أم لا؟
وإجمال القول فيه : إنه لا شك في كشفه عن سوء سريرته ، وعدم اكتراثه بنهي مولاه ، كما أنه لا شك في عدم تغيّر الواقع عمّا هو عليه من عدم المفسدة بمجرد عروض القطع ، وحدوث عنوان مقطوع الحرمة له.
ولا ينبغي الشك أيضا في أنه لا يعقل أن يكون بهذا العنوان موضوعا لنهي شرعي ، إذ النهي من شأنه أن يكون وازعا عن متعلّقه ، والمتجرّي لا يرى نفسه إلاّ خارجا عن عنوان المتجري ، لمكان قطعه بخلافه ، فلا يعقل تأثيره فيه وارتداعه به.
وأما استحقاقه العقاب ، فلا مانع عنه ، بل هو الظاهر ، وذلك لأن الإقدام على المعصية وعدم المبالاة بنهي المولى ونحوهما من التعبيرات المختلفة المؤدّية إلى