على الأخذ بالأقارير مطلقا ، وبظواهر ألفاظ الوصايا ، والأوقاف ، ونحوها ، فخلاف المحقق القمي في ذلك بجعله الأول من الظن الخاصّ ، والثاني من الظن المطلق (١) ، ضعيف جدا ، كما أوضحه الشيخ ، بل أعطاه من الكلام فوق ما يستحقه فراجع الرسالة (٢).
وما دعا هذا المحقّق إلى هذا التفصيل سوى الشغف بنفاق سوق الظن المطلق ، وكساد الظن الخاصّ ، ولولاه لما كان يخفى على فاضل مثله.
إنّ أصحاب النبي والأئمة عليهم السلام كانوا يعملون بما سمعه غيرهم عنهم ، ويأخذون بظواهر ألفاظه أخذ سامعه ، مع انفتاح باب العلم لهم بالرجوع إليهم ، وعليه سيرة شيعتهم ، بل عامة الناس في الأخذ بظواهر الألفاظ في الأوقاف والوصايا ، مع إمكان الرجوع إلى الواقف والموصي ، وإذا اعترف رجل بدين عليه مخاطبا ولده ، فاجتاز بهما من سمع ذلك منه ، فهل ترى أحدا يتوقّف عن قبول شهادته ، لكونه غير مقصود بالخطاب ، أو يقبل من المشهود عليه هذا الاعتذار؟
نعم ، لو علم بناء الكلام على اصطلاح خاص ، والاعتماد على قرائن خصوصيّة بين المتخاطبين لا يكون الظهور حجّة.
( خلاف بعض (٣) علمائنا المحدّثين في حجية ظواهر الكتاب )
وعلى هذا الأصل بنى القول بمنع حجية ظواهر الكتاب الكريم جمع من المحدّثين ، وهذا وإن كانت جناية عظيمة ، ولكن لم يتعمّدها هؤلاء الأبرار ، وما
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ : ٣٩٨ و ٤٠٣ و ٢ : ١٠١.
(٢) فرائد الأصول : ٤٠ وما بعدها.
(٣) منهم : محمد بن الحسن الحر العاملي رحمه الله صاحب كتاب وسائل الشيعة.