في مؤدّى أمارات خاصّة ، ورفضه غيرها بعدت عن الواقع أو قربت إليه.
وأما قوله : « إذ الصرف لو لم يكن تصويبا محالا » إلى آخره ، فلا أدري أين كان هذا الفرق والحذار من التصويب حين جمع بين الحكمين الواقعي والظاهري بما هو أدهى وأمرّ!؟
وقوله : « ضرورة أنّ القطع بالواقع يجدي بما هو واقع لا بما هو مؤدّى طريق القطع » لا شك فيه في مرتبة الواقع ، كما أنّه لا شك في أنّ تنجّزه لا يكون إلاّ بالقطع أو ما يقوم مقامه ، فالذي ادّعى الضرورة على خلافه إن كان ما قلناه فهو أجدر بدعوى الضرورة وأحق بها ، إذ التنجّز لم يكن إلاّ بسببه ، وإن كان غيره فلا تضرّنا تلك الضرورة ولا تنفعه.
وأمّا قوله : « فإنّ الظن بالواقع لا ينفك عن الظنّ بأنّه مؤدّى طريق معتبر » فقد كرّره آخر البحث ، فقال : « مع ما قد عرفت من أنه عادة يلازم الظن بأنّه مؤدّى طريق وهو بلا شبهة يكفي ولو لم يكن هناك ظن بالطريق » (١) وكرّره أيضا في حاشيته (٢).
وهذا الكلام يصلح أن يكون دليلا على قلّة فائدة هذا البحث ، وأمّا أن يكون اعتراضا فلا ، لأنه إذا استلزم الظنّ بالواقع الظنّ بالطريق فقد حصل ما هو الحجة عند صاحب الفصول ، إذ لا يشترط عنده فيها حصول الظن بالطريق من طريق خاص ، فيكفي الظنّ به من أيّ سبب حصل ، إلاّ الحاصل من الطريق الممنوعة ، بل حتى الحاصل منها على ما سبق القول فيه ، وهذا على وضوحه مذكور في كلامه تصريحا وتلويحا في مواضع متعددة.
وكأنّ المعترض زعم أنّ الشرط فيها عنده تعيّن الطريق ، فلا يكفي الظنّ
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣٢١. نقلا بالمعنى.
(٢) حاشية فرائد الأصول : ٨٤.