به إجمالا ، كما ربّما يستظهر من بعض كلامه الآتي نقله ، وأنت تعلم أنّه لا أثر ولا عين لهذا الشرط في كلام صاحب الفصول ، ولا داع له يدعو إليه ، ولا يقتضيه حجّته ، وبحسبه أن يظنّ كونه مؤدّى خبر معتبر وإن لم يعرفه على التعيين ، فلو فرض أنه ورد في حكم فرعي خبران ، يظنّ بحجّية أحدهما دون الآخر ، أو قطع من قول صادق ـ كالصدوق ـ بورود رواية مظنونة الاعتبار قد ترك نقلها ، أيظنّ بمثل صاحب الفصول التوقّف عن الحكم فيه على طبقها؟
هذا ، ولهذا الأستاذ في حاشيته كلام طويل واعتراضات كثيرة على هذا القول ، وقد جعله مردّدا أمره بين أن يكون المراد صرف التكليف عن الواقع إلى المؤدّى وبين إناطة التكاليف الواقعية بإصابة الطرق إليها ، أو إناطة تنجّزها بالإصابة ، بأن يكون المنجّز من التكاليف خصوص ما أصاب إليه طريق ممّا علم اعتباره إجمالا ، وجعل ثاني الوجوه ظاهر الكلام (١) المنقول في الكتاب عن بعض الفحول ، وثالثها مراد صاحب الفصول مدّعيا أنّه يظهر من ملاحظة كلامه بتمامه ، ولم ينسب أوّلها إلى أحد ، ولكن أطال القول في ردّه (٢).
وحيث إنّه جزم بمراد صاحب الفصول ـ ونحن معه ، والصرف بالمعنى الأوّل لا يقول به أحد من أئمة هذا القول ـ صرفنا عنان القلم عن نقل ما اعترض عليه ، على أنّ للنظر فيه مواضع ، واقتصرنا من كلامه على ما يتعلّق بما جعله مراد صاحب الفصول ، وعزّاه إلى بعض الفحول إيثارا للاختصار على
__________________
(١) ليس في النسخ الموجودة لديّ كلاما منقولا بهذا العنوان ، وأظنّ أنّ مراده قول الشيخ : « وبذلك ظهر ما في قول هذا المستدلّ » إلى آخره.
والظاهر أنّه مسامحة لأنّه كلام الشيخ في ( الهداية ) لا كلام صاحب الفصول. ثمّ إنّ الظاهر اتّحاد مراد أصحاب هذا القول وإن عبّروا تارة بالفعليّة وأخرى بالتنجّز ، إذ الفرق بينهما بما ينافي المقصود اصطلاح حادث بعد زمانهم. ( منه ).
(٢) انظر : حاشية فرائد الأصول : ٨٤.