(تفسير الجدّ حجة الإسلام لكلام والده الإمام طاب ثراهما)
انتهينا إليه والقلم قد تكهّم (١) حدّه والفكر كبا زنده (٢) ، وقد مسّنا من الكسل ما مسّ القراء الكرام من الملل ، وقد صادف ذلك ( أن طرقت ببكرها أمّ طبق ) (٣) فألهتنا عن الظن الخاصّ والمطلق ، وكيف لا يصطلد الذهن ، ولا يرى الطرف إلاّ عيونا باكية ، وقلوبا دامية ، ولقد دها المسلمين أمر عظيم ، ورماهم الدهر بالمقعد المقيم ، انتبزت الأكباد من الأجساد ، نسأل الله العافية ، وتمام النعمة ، وكشف كلّ محنة وأزمة.
بنى كلامه ـ طاب ثراه ـ على أنّ القول بالظن المخصوص يتصوّر على وجهين ، أحدهما القول بحجّية مطلق الظن بالطريق الواقعي من أيّ طريق حصل إلاّ من الطريق الّذي ثبت عنه المنع.
والآخر : أن يقال بحجية الظن بالطريق الفعلي الّذي يكتفي المكلّف به على ما هو عليه في حكم الشارع ، وحكم بأنّ الثاني مختار والده ، والمستفاد من عبارات الفقهاء حيث جرت عادتهم عن التعبير عن الفتوى بالأظهر والأقوى ، ونحوهما ، ونسب إلى عمّه التصوّر الأول وقال : إنّه بذلك فارق أخاه وليته اقتفى أثره.
ثم قال : « ويظهر الفرق بينهما من وجوه » :
« الأول : يجتمع الأول (٤) مع القطع بالبراءة والظن بها والشك فيها ، والظن
__________________
(١) تكهّم ، بمعنى : كلّ. لسان العرب ١٢ : ٥٢٩.
(٢) كبا الزند فهو يكبو : إذا لم يقدح لسان العرب ١٥ : ٢١٣.
(٣) جزء من بيت رجز ، ورد في لسان العرب ١٠ : ٢١٤ « طبق » وأمّ طبق : الداهية.
(٤) أي : الظن بالطريق على الوجه الأول يجتمع ....