الكلام على ( الواو ) في قوله تعالى : ( وَلَوِ افْتَدى بِهِ )(١) ، وهذه شبهة ضعيفة ، إذ التزيّن ونحوه من أغراض الفصاحة ، ومعه تنتفي اللغوية ، فانظر أيها الأديب إلى موقع ( الهاء ) من قوله تعالى : ( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ )(٢) وأنّ هذا الحرف الزائد كيف زاد الكلام حسنا ، وأكسبه رونقا ، وكيف ينحط الكلام إذا حذفته منه ، ويذهب منه رونق الوحي الإلهي ، وبهاء المعجز النبوي.
( الواضع )
اختلفوا في واضع اللغات ، فذهبت الأشاعرة إلى أنه الله تعالى ، وجماعة إلى أنه البشر ، وآخرون إلى تفاصيل (٣) تجدها مفصّلة في ( الفصول ) (٤) وغيره.
ولا يخفى على من عرف ما ذكرناه في حقيقة الوضع ، أنّ كلّ متكلم ـ بأيّ لغة كانت ـ هو واضع حقيقة وإن جرى الاصطلاح على تخصيص الواضع بالمتعهّد الأول ، لأنه تعهّد ، والتعهد ـ كما عرفت ـ حقيقة الوضع ، ولا فرق بينه وبين الواضع الأول إلاّ التابعيّة والمتبوعيّة ، وكون تعهد الأول تفصيليّا ، والثاني إجماليّا ، فمن تعهّد بالتكلّم بالعربية ـ مثلا ـ فقد تعهّد إجمالا بجميع ما تعهّد به سائر المتكلّمين بها ، وينحل ذلك التعهّد إلى تعهّدات كثيرة بعدد مفردات تلك
__________________
(١) آل عمران : ٩١.
(٢) الحاقة : ٢٨ و ٢٩.
(٣) واعلم أنّ في تعيين الواضع ثلاثة أقوال مشهورة :
الأول : ما ذهب إليه الأشعري وجماعة ، وهو أن الله تعالى هو الواضع.
الثاني : ما ذهب إليه أصحاب أبي هاشم ، وهو أنّ الواضع هو البشر إمّا واحدا أو أكثر.
الثالث : ما ذهب إليه أبو إسحاق الأسفرائني ، وهو أنّ الواضع في القدر الضروري المحتاج إليه في الاصطلاح هو الله تعالى ، وفي الباقي هو البشر.
لكن الحق ما حقّقه المصنّف في هذا الكتاب ، وهو الّذي يقبله الذوق الصحيح وأولو الألباب.
( مجد الدين ).
(٤) انظر الفصول الغرويّة : ٢٣.